الأخبار

وكالة أنباء عموم أفريقيا

الأزمة الإقتصادية والصحية والإرهاب في نيس الفرنسية يتصدران اهتمام الصحف التونسية

تونس العاصمة-تونس(بانا)- تركزت اهتمامات الصحف التونسية الصادرة ، هذا الأسبوع، على عدة مواضيع، من أبرزها المبادرات المتعددة لحوار وطني لإنقاذ البلاد، والوضع الإقتصادي الصعب الذي تمر به تونس، إلى جانب العملية الإرهابية التي جدت بفرنسا، والتطرق إلى السياسة الخارجية التونسية التي "أظهرت كثيرا من البرود تجاه قضايا حارقة" وتسليط الضوء على الصراع والتصدع داخل حركة "النهضة".

وأجمعت الصحف التونسية على أن الأوضاع الإقتصادية "أصيبت بدمار، وكل المؤشرات تنذر بقرب حدوث الإنهيار الكبير"، في حين أن "الأسعار لا تتوقف عن ممارسة رياضة القفز العالي في غياب كامل للدولة ولأجهزة وآليات الرقابة، إلى جانب "المشاريع الكبرى المعطلة ومعها تتأجل أحلام بل حقوق شرائح هامة من التونسيين في الشغل وفي تحصيل سبل ومقومات العيش الكريم". 

وفي هذا المقام، قالت جريدة (الشروق) إن كل الخبراء يجمعون على أن الدولة التونسية تعيش أسوأ مراحلها: أزمة إقتصادية غير مسبوقة، وتوتر واحتقان اجتماعي في كل الجهات، فضلا عن شبه انهيار للقطاع الصحي العمومي، والمالية العمومية مهددة بالإفلاس، وبطالة لآلاف الشبان، وتوقف كامل للإستثمار.

واعتبرت جريدة (الصباح) أن ما أوصلنا إلى هذا الوضع الإقتصادي الصعب، وبعيدا عن جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) التي زادت الأمر تعقيدا، هو لا مبالاة الدولة وحكوماتها ومسؤوليها بحالات الإنفلات التي عشناها في السنوات الأخيرة، وكذلك نتيجة الفساد الذي نخر دواليب الدولة وإغماض العين عن التهريب والسوق السوداء، وغير ذلك من مظاهر الفساد والفوضى التي نرى نتائجها اليوم على الإقتصاد، وقالت إن ما نخشاه هو أن نرى نتائجه الأخطر على المجتمع والأمن.

وفي جريدة (الصحافة اليوم)، تحدث الكاتب شكري بن منصور عن نسبة المديونية وفق مشروع قانون المالية لسنة 2021 والتي من المتوقع أن تبلغ 90 % من الناتج المحلي الإجمالي أي حوالي 100 مليار دينار تونسي، واعتبر أن هذا الوضع يشكل ناقوس خطر في ما يتعلق بمدى قدرة البلاد على الوفاء بتعهداتها المالية خاصة المتعلقة بخلاص الديون الخارجية بالعملة الصعبة، علما أن حجم الدين الخارجي التونسي أكبر بثلاث مرات من احتياطي النقد الأجنبي.

وفي مواجهة هذه الأوضاع، دعت الصحف إلى الإنطلاق في حوار وطني يجمع كل الطيف السياسي ومكونات المجتمع المدني والتفكير بعمق في حلول عاجلة تنقذ تونس من أزمتها وتخلصها من التداعيات السلبية التي تعرفها منذ حوالي عقد من الزمن.

وتابعت الصحف، في افتتاحياتها ومقالاتها، الوضع الصحي "الذي بات ينذر بمخاطر كبيرة"، مطلقة صيحة فزع إزاء تفشي الموجة الحادة من جائحة كورونا خاصة بعد فتح الحدود في 27 يونيو الماضي.

وأكدت صحيفة (الحرية) أن الوضع بات خطيرا، ينبئ بحصاد آلاف الأرواح وبصعوبة كبيرة في التصدي له، ناهيك عن ضعف الإستعدادات لمجابهة هذا الوباء المقيت.

وقالت إن الأكثر إيلاما أن ترى التونسيين يشتكون من غلاء تعريفة التحاليل المخبرية والعلاج بالمصحات الخاصة، ودعت الحكومة إلى التدخل العاجل لتغليب الجانب الإنساني على الجانب المنفعي.

من جهتها، أكدت جريدة (الشروق) أن الإجراءات التي أعلنتها الحكومة لا تكفي للتوقي نهائيا من خطر كورونا، بل يجب أن ترافقها إرادة حقيقية من الدولة لتوفير كل ظروف التوقي من العدوى والعمل على تبديد هواجس المصابين ومخاوفهم من عدم قدرة الدولة على تلبية حاجياتهم في الحصول على العلاج أو الإسعاف.

واعتبرت جريدة (الصحافة) أن جملة الإجراءات التي أقرّتها الحكومة جاءت بعد أن استبدّ فيروس كورونا واستعصى، وبعد أن أُنهكت الدفاعات بالمستشفيات، ومع بداية تهاوي المنظومة الصحية وبعد أن جفّت الحلوق المنادية بالتحرّك وإعلان حالة الطوارئ!

وفي عهد حكومات الهُواة المتعاقبة -تضيف الجريدة- تحولت القرارات التي تهم الوضع الوبائي إلى الليل، بما يعني أن هناك إصرارا غريبا على أن تكون خارج الزمن الإداري وخارج كل الأوقات التي تصدر فيها القرارات في العالم!

ومن الأحداث التي تطرقت إليها الصحف التونسية باستفاضة واهتمام كبيرين، الهجوم الإرهابي الذي نفذه مواطن تونسي يوم الخميس الماضي أمام كنيسة بمدينة نيس الفرنسية.

وقالت جريدة (المغرب) إن الإرهاب السلفي المعلوم لا يعادي فرنسا خاصة أو أوروبا أو تونس أو الجزائر أو السعودية أو الولايات المتحدة الأمريكية أو الصين، بل يعادي الإنسانية عامة ويعادي حرية الإنسان في العيش وفق قناعاته الفلسفية والدينية، ويعادي كل من خالف أوهامه العقائدية المدمرة والدموية.

وأشارت إلى أن المتطرفين يحلمون بصراع دموي عنيف بين الحضارات والثقافات والديانات، مشددة على ضرورة محاربة هذا الإرهاب وكل الطرق المؤدية إليه وأن نتضامن بكل قوة مع ضحاياه وأن نحبط كل مخططات الصدام حتى لا نترك لهذا الكابوس الدموي أي موطئ قدم لا في الأعيان ولا في الأذهان.

وتطرقت مقالات عديدة إلى السياسة الخارجية التونسية، مؤكدة أن  الدولة بكل أجهزتها خاصة الدبلوماسية تظهر كثيرا من البرود تجاه قضايا حارقة وتبدو وكأنها في واد غير الأودية التي يسير فيها العالم وبعيدة كل البعد عن القضايا التي تهم الشأن العربي والإفريقي والدولي.

وقالت إن الذين يحكمون تونس اليوم يتشدقون دائما بأننا نموذج وبلادنا مثال يحتذى، لكن لأول مرة يكون النموذج متخاذلا والمثال صامتا.. فمن سيصدق الآن أننا فعلا قمنا بثورة وأننا نتخذ المواقف المبدئية الشجاعة؟!

وفي الشأن الداخلي أيضا، تحدثت جريدة (المغرب) عن مؤشرات "تشققات هامة وغائرة ستأتي حتما على وحدة حركة النهضة، ما لم تحصل مفاجأة من العيار الثقيل في الأشهر القليلة القادمة".

وقالت إن بعض المحللين كانوا يعتقدون أن هذه الحركة الإسلامية لن تحافظ على وحدتها بعد مغادرة زعيمها منصبَ القيادة، أما الآن "فمؤسسها سيكون أهم عنصر في انقسامها".. تلك هي حيلة التاريخ كما يقول الفيلسوف هيغل حيث يوظف العقل الأهواء والطموحات الشخصية والرغبات الفئوية لتحقيق أهدافه اليوم أو غدا!

-0- بانا/ي ي/ع د/01 نوفمبر 2020