الأخبار

وكالة أنباء عموم أفريقيا

الصحف التونسية: أزمات وفساد وكرامة مهدورة على قارعة الطرقات

تونس العاصمة-تونس(بانا)- تركزت اهتمامات الصحف التونسية الصادرة هذا الأسبوع على عدة مواضيع، أبرزها تواصل الإحتقان السياسي والإجتماعي، وعودة القمع البوليسي في بلد تتعثر فيه التجربة الديمقراطية، إلى جانب ظاهرة الفساد المستشرية بالبلاد.

وفي رصدها الوضع العام، أجمعت مقالات الصحف في أكثر من عدد على أن مطالب الشباب التونسي الذي خرج في انتفاضة 2011، والمنادية بالحرية والكرامة "لم يتحقق منها حتى الحد الأدنى، وظل التقهقر عنوان المرحلة.. فالحرية باتت تحاصر من أجل تلجيمها وتكميم الأفواه، أما العدالة فقد عصف بها جشع السياسيين وانتهازية "الكناطرية"(بارونات التهريب) في حين نشاهد انهيار المنظومة الصحية حيث يترك المرضى لأقدارهم بعد أن تخلت عنهم الدولة. أما الكرامة فهي مهدورة على قارعة الشوارع حيث التعذيب علنا والقمع تحت أنظار الكاميرا".

وهنا، قالت صحيفة (المغرب) إن بلادنا تعيش بين فكي كماشة الجائحة الصحية والأزمة المالية.. أرواح تتهاوى وأرزاق تتلاشى، ولكن حتى هذه الكوارث مجتمعة لا نرى لها أثرا لدى أهل الحكم بل نرى شقوقهم وشقاقهم، وكلهم منغمسون في معاركهم الصغيرة وفي انتصاراتهم الوهمية والبلاد تغرق.

وعلقت جريدة (الصحافة) على انتهاج المنظومة الحاكمة أسلوب القمع، وقالت: لم يحدث أن أهينت الذات البشرية بتلك الحقارة وبذاك السلوك الهمجي الأرعن، وقد كشفت واقعة تجريد طفل من ملابسه وسحله عاريا على الملأ من قبل البوليس، أننا نعيش تحت سماء واحدة مع ذوات حيوانية لا تتردد في ممارسة أبشع التنكيل.

من جهتها، نددت جريدة (المغرب) بممارسات "البلطجة والعنف"، مؤكدة أن استمرار الصمت وعدم ملاحقة المعتدين لن يفرز غير الذي عشناه من بلطجة برعاية مؤسسات رسمية لتجعل من التونسيين غير آمنين على أرواحهم وممتلكاتهم وتجعل هذه البلاد سجنا كبيرا أو غابة يقاتل بعضنا البعض.

وبخصوص الوضع الصحي، عبرت جريدة (المغرب) عن الإنزعاج الكبير من دخول البلاد فعليا في الموجة الرابعة لتفشي عدوى فيروس كورونا، مشيرة إلى نداءات الإستغاثة وصيحات الفزع التي انطلقت من عدة ولايات بسبب عدم القدرة على استيعاب مزيد المرضى.

وبشأن استشراء ظاهرة الفساد، تطرقت الصحف في متابعاتها إلى إقرار الرئيس السابق للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد "بوجود مستشاري سوء في الحكومة وارتباط جزء مهم وفاعل بمنظومة الحكم بأخطبوط الفساد".  

وفي هذا السياق، أوضحت جريدة (الصباح) أن ما حصل في السنة الأخيرة مع الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد يؤكد، بما لا يترك مجالا للشك أو الإرتياب، محنة هذه الهيئات الوطنية أو الدستورية التي ولدت بتشوهات خلقية خطيرة جعلتها هيئات هشة ومتحكما فيها من خلف الكواليس.

وتوقفت صحيفة (الشروق) أمام قرار المجلس الأعلى للقضاء المتعلق بإنهاء إلحاق كل القضاة خارج مناصبهم القضائية أو خارج وزارة العدل.

ولاحظت أن الزج بالقضاة منذ سقوط النظام السابق في معترك السياسة كان خطأ كبيرا، وقد أدت هذه الوضعية إلى تحويل القضاة وجهاز القضاء الذي كان ينظر إليه نظرة تقترب من التقديس إلى موضوع للجدل السياسي كثيرا ما تم فيه كيل الإتهامات إلى القضاة بالموالاة السياسية وخاصة لحركة "النهضة" المتهمة بالهيمنة على القضاء وتوجيه الأحكام القضائية.

وفي هذا المقام أيضا، علقت جريدة (الصحافة) قائلة: ان هذا المستجد في المشهد القضائي اليوم، يمكن أن يخلق زخما يساهم في تحريك المياه الراكدة والحسم في ملفات عالقة أثقلت الكاهل وحيرت الرأي العام على غرار المحاكمات المتصلة بالفساد والقضايا الإرهابية والإغتيالات السياسية.

وأمام تأزم الأوضاع السياسية والإجتماعية والصحية مجتمعة، اعتبرت جريدة (الشروق) أنه لم يعد من حلول سوى خيارين لا ثالث لهماإما التداعي إلى حوار بناء عقلاني وهادئ ورصين يرسم ملامح الطريق وإما إرجاع العهدة إلى الشعب والتسريع بإجراء انتخابات سابقة لأوانها، ذلك أن حالة الشلل التي تعيش على وقعها البلاد منذ شهور باتت تهدد أسس الدولة بصفة مباشرة.

وأضافت أن الخوف كل الخوف أن يفقد الشعب صبره تحت وطأة مصاعب الحياة فيندفع إلى الفوضى طالما أن مؤسسات الدولة لم تعد تحظى بأية مصداقية.

وتطرق عدد من الصحف إلى حصيلة 40 سنة من وجود حركة "المهضة" الإسلامية، وهنا لاحظت صحيفة (الشارع المغاربي) أن الحركة في فترة السرية التي دامت 30 سنة "لم تترك سوى الذكر السيء من خلال  التفجيرات والإعتداءات بالرش بماء الفرق (الحامض المركز) وإحراق مواطنين أبرياء. أما خلال الفترة العلنية التي حكمت فيها، فالحصيلة كارثية على الدولة التي شارفت على التفكك والمالية العمومية التي أفلست والطبقة الوسطى التي اندثرت.

-0- بانا/ي ي/ع د/ 13 يونيو 2021