الأخبار

وكالة أنباء عموم أفريقيا

الصحف التونسية: تحوّل العملية السياسية إلى "مركاتو" لشراء الذمم

تونس العاصمة-تونس(بانا)- تركز اهتمام الصحف التونسية هذا الأسبوع، على عدد من مسائل الشأن الداخلي وفي مقدمتها المشهد السياسي المرتبك، وموجة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) التي انتشرت على نطاق واسع، إلى جانب الجدل القائم حاليا حول مشروع قانون أمام البرلمان يتعلق بإعطاء صلاحيات لقوات الأمن، اعتبرتها النقابات ومنظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني عودة إلى القمع البوليسي والإفلات من العقاب.

وفي الشأن السياسي، استنكرت الصحف "تحول العملية السياسية إلى "مركاتو" مفتوح لشراء النواب كما تشترى الدواب بمبالغ لا تقل عن مائة وخمسين ألف دينار (تونسي)، دون أن يحرك رئيس المجلس رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، الحاضر الغائب ساكنا لفتح تحقيق فيما يحدث".

وقالت جريدة (الصباح) من جانبها: لقد تداخلت الأمور في دولتنا وتشابكت المسائل واضطربت القرارات، وضاعت هيبة السلطة بضياع البوصلة التي تحدد المسؤوليات وتضبط الحقوق والواجبات وتوضح حدود تحرك كل فرد في هذه الدولة سواء أكان حاكما أو محكوما.

وفي هذا المقام، لاحظت جريدة (المغرب) أن أزمة أزماتنا هي إهدار الطاقة وتشتيت الجهد بتعدد مراكز القرار وبتناقضها إلى حدّ نشر غسيلها على قارعة الطريق، موضحة أن ما يسمى بالنخب تجاوز فيها الإنتهازيون والجهلة والمؤدلجون وفاقدو الأفكار والمشاريع والقيم، العتبةَ المصيرية بما جعل المشهد العام ينجذب إلى القاع.

وأكدت أن ما زاد في ترذيل المشهد السياسي عامة علاوة على بيع الذمم المتواصل إلى حد الآن تحت قبة البرلمان، هو هذا الصراع المحموم بين أجنحة السلطة في البلاد وخاصة بين رأسي السلطة التنفيذية ذاتها. 

وتطرقت جريدة (المغرب) إلى موضوع إرساء المحكمة الدستورية التي ظلت منذ 2011 رهينة مخاوف وأطماع السياسيين، وقالت: لقد اتضح أن هذه المحكمة غير مرغوب فيها من الأغلبيات السياسية طالما لم تضمن سبل التحكم فيها ومصادرة قراراتها مسبقا مما يعني ان الحلم بتركيز محكمة دستورية بتركيبة مستقلة ومحايدة في الظرف الراهن غاية قد لا  تُدرك.

وفي رصدها المشهد العام بالبلاد وحصيلة سياسات الحكومات المتعاقبة منذ عشر سنوات، قالت سناء بن سلامة في جريدة (الصحافة اليوم) إن الكثيرين ممن يتابعون سيرورة البلاد من يناير 2011 إلى اليوم أصبحوا يشككون في مدى صحة القول بأن ما حدث هو" ثورة"، وأكدت أن الهم السياسي الحزبي ومنطق التموقع والغنيمة قد غلب على أداء الأحزاب السياسية في التشكيلات الحكومية المتعاقبة وفي المشهد السياسي عامة.

وبخصوص الأوضاع الصحية، لاحظت جريدة (الصباح) أن عددا كبيرا من المواطنين ممن طالهم فيروس كورونا يتخبطون اليوم في حيرة من أمرهم مما عمق مخاوفهم وهواجسهم في ظل غياب معلومات دقيقة، ولكن أيضا في ظل تضارب التصريحات وتناقضها بين التهويل والتقليل من تداعيات الفيروس.

وفي هذا السياق، تحدثت جريدة (الصحافة) عن الفشل الإتصالي الذريع للحكومة التونسية ووزارة الصحة على وجه الخصوص وبالتحديد في موضوع جائحة كورونا، مشيرة إلى أنه في مناخات من التوترات والفوضى وانتشار الخوف والإشاعات تصبح أهمية الإتصال مضاعفة وخاصة الإتصال الحكومي الذي ينبغي أن يتحلى بالرصانة والمصداقية ويشيع الطمأنينة في النفوس مع تقديم الحقائق بدون زيادة أو نقصان. 

وتناولت الصحف باستفاضة، في افتتاحياتها ومتابعاتها، محاولات تمرير مشروع قانون بالبرلمان يتعلق بما سمي "زجر الإعتداء على الأمنيين".

وأجمع كتاب الإفتتاحيات في أكثر من صحيفة على أن السياسيين ومؤسسات الدولة الرسمية بدأت تضيق ذرعا من مناخ الحريات الذي يمنح الشعب حق الرقابة والمحاسبة والنقد والإحتجاج والمطالبة بالتغيير، مشيرين إلى محاولات النيل من الحريات ولجمها بما يتوافق مع المزاج السياسي السائد الذي فشل في التغيير الإقتصادي والاجتماعي ويبحث عن شماعة كل مرة لتبرير هذا الفشل.

وأكدوا أن هذا القانون يؤسس لظاهرة أو ثقافة الإفلات من العقاب، بل ويشرّع لها، حيث يلغي المسؤوليّة الجنائيّة عن أفراد البوليس في استعمال "القوّة المميتة" ضد خطر قد "قدّروه هم بأنفسهم"!

وهنا لاحظت صحيفة (نواة) أن المشروع يواجه رفضا واسعا من قبل منظمات المجتمع المدني وسط تخوفات من تكريس ثقافة الإفلات من العقاب بالنسبة لقوات الأمن، خاصة أن تونس تسجل يوميا اعتداءات على المواطنين من قبل عناصر من الشرطة في الشارع أو في مراكز الإيقاف.

وتطرقت جريدة (الشارع المغاربي) إلى تواتر وقائع الجرائم البشعة في عدد من المدن التونسيّة، جريمةً تلو الأخرى، وكأنّ البلاد باتت غابة مظلمة تخلو من الأمن وتحتكم فقط إلى القتل والخنق والإغتصاب والطعن باستخدام شتّى الأسلحة البيضاء المروّعة. وأضافت: من حسن الحظّ أنّ الأسلحة الناريّة ممنوعة منعًا باتًّا، على خلاف بلدان أخرى، وإلّا لعاينّا يوميّا مجازر وحروب عصابات مسلّحة في الكثير من المناطق والأحياء السكنيّة.

وتوقفت جريدة (الشروق) أمام ظاهرة انقطاع عشرات الآلاف من التلاميذ عن الدراسة، والنتيجة هي أن في تونس اليوم أكثر من 170 ألف طفل في الشوارع يعملون ويعيلون أسرهم، وكثير منهم يجمعون القوارير ويبيعون السجائر في الشوارع.

وأشارت إلى أن أكثر من 100 ألف طفل ينقطعون عن الدراسة لأسباب مختلفة ولا أحد اهتم بالظاهرة وبحث في أسبابها وقدم مبادرات لإنقاذ الطفولة الضائعة، وقالت إن كل الحكومات التي تعاقبت على حكم تونس في السنوات العشر الأخيرة مذنبة وتتحمل المسؤولية في ما حدث ويحدث ليس فقط لأطفال تونس بل ما يحدث لكل فئات الشعب.

-0- بانا/ي ي/ع د/11 أكتوبر 2020