الأخبار

وكالة أنباء عموم أفريقيا

جلسة حاسمة لمجلس النواب، غدا الاثنين في سرت، للتصويت بمنح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية

طرابلس-ليبيا(بانا)- ستتجه أنظار جميع الليبيين والعالم أجمع، غدا الاثنين، إلى مدينة سرت الليبية (450 كلم شرق طرابلس) لمتابعة جلسة بالغة الأهمية سيعقدها مجلس النواب للتصويت على منح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية بعد تسلم تشكيلة الحكومة، مع أن هذا اللقاء لا يخلو من خطورة إذ لا شيء مضمون حتى الآن، بالنظر إلى التحديات التي يجسدها استمرار انقسامات النواب والتجاذبات السياسية وشبح القوى الإقليمية والدولية الذي يخيم على الشؤون الليبية.

ويواجه التصويت بمنح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية تحديا آخرا متمثلا في تسريبات تقرير لجنة الخبراء الأمميين حول وجود شبهات بتلقي بعض أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي رشاوى أثناء اجتماعات المرحلة الأولى في تونس خلال نوفمبر الماضي.

وأثارت هذه القضية جدلا واسعا في البلاد، حيث طلب بعض النواب تأجيل جلسة التصويت لمنح الثقة حتى يطلعوا على المحتوى الكامل للتقرير وتحديد المسؤوليات.

وتأتي الجلسة العامة لمجلس النواب في ظرف حرج من تاريخ ليبيا وينبني عليها رهان وطني كبير لأنها قد تقرر مصير ليبيا بإدخالها مرحلة انتقالية تسمح لحكومة الوحدة الوطنية بالشروع فورا في معالجة أولوياتها وتكريس جهودها للغاية القصوى وهي تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية في 24 ديسمبر القادم.

ومنذ أسبوع، تجري الاستعدادات في مدينة سرت لاستقبال هذه الجلسة التاريخية في الثامن مارس، للتصويت بمنح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية.

وترحيبا باحتضان هذه الجلسة، بذل المجلس البلدي والسلطات المحلية كل الجهود لاستكمال التجهيزات اللوجستيكية اللازمة لاستقبال ضيوف المدينة.

وأجريت على مطار القرضابية بسرت إصلاحات لاستقبال الرحلات التي تنقل النواب القادمين للمشاركة في الجلسة.

وهكذا، فقد وصل عدد من أعضاء مجلس النواب إلى سرت، اليوم الأحد، للمشاركة في جلسة التصويت بمنح الثقة للحكومة الليبية الجديدة.

وفي هذا السياق، وصل رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح،  قادما من شرق البلاد على رأس مجموعة من النواب إلى المدينة، حسب مصدر من المكتب الإعلامي لبلدية سرت.

وأوضح نفس المصدر أن طائرة ستصل، ظهر اليوم إلى مطار سرت، قادمة من طرابلس، وعلى متنها مجموعة أخرى من النواب للمشاركة في الجلسة المقررة غدا الاثنين.

من جانبه، أعلن الناطق باسم حكومة الوحدة الوطنية، محمد حموده، أن رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبدالحميد دبيبه، سيتوجه إلى سرت، اليوم الأحد، للتحضير للجلسة البرلمانية القادمة.

وأضاف حموده، في تصريحات للصحافة، أن دبيبه يعتزم المشاركة في الجلسة العامة للتصويت بمنح الثقة، غدا الاثنين، حيث سيقدم تشكيلة الحكومة لأعضاء مجلس النواب.

وأشار الناطق باسم حكومة الوحدة الوطنية إلى أنهم يأملون في أن "يحضر أعضاء مجلس النواب في الموعد للمصادقة على الحكومة ومنحها الثقة".

بدوره، أكد النائب محمد الرعيض من مدينة مصراتة إنهم سيتوجهون، اليوم الأحد إلى مدينة سرت، لعقد جلسة برلمانية جامعة يوم الإثنين.

وأضاف الرعيض، في تصريحات صحفية، أن مائة نائب سيشاركون في الجلسة بشرط أن ينحصر جدول أعمالها في بند واحد وهو منح الثقة للحكومة الجديدة، فيما سيتم تأجيل أي ملف آخر إلى جلسة ثانية تحدد لاحقا.

وأمس السبت، أعلن المكتب الإعلامي لرئيس حكومة الوحدة الوطنية أن رئيس الحكومة عبدالحميد دبيبة سلم تشكيلة حكومة الوحدة الوطنية المؤلفة من 27 حقيبة إلى رئاسة مجلس النواب التي ستقدمها إلى المجلس يوم الاثنين 8 مارس 2021، خلال جلسة عامة للتصويت بمنح الثقة ستعقد في سرت.

وأوضح نفس المصدر أن الحكومة اعتمدت في تشكيلتها، الهيكلية المتبعة سابقا في غالبية الحكومات مع بعض التعديلات، بقصد كسب الوقت ولكي لا تتسبب عملية الدمج وإعادة الهيكلة في إضاعة مزيد من الوقت، مع ضمان مشاركة واسعة ومراعاة التوزيع الجغرافي للمجتمع الليبي.

وأكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبدالحميد دبيبة، أنه حرص، في التشكيلة الوزارية، على التوازن بين الكفاءات وضمان مشاركة واسعة لجميع المناطق من خلال مختلف الدوائر الانتخابية.

وأشار إلى أنه أخذ في الاعتبار حالة الصراع التي تمر بها البلاد منذ سنوات ومشاعر التهميش ونقص التمثيل لدى قطاعات من الشعب الليبي.

ورغم هذه الحجج التي ساقها رئيس الحكومة، يأخذ عليه البعض انتفاخ التشكيلة الحكومية، مؤكدين أن الأولى به أن يقود حكومة مصغرة تركز على أولويات أساسية هي توفير الخدمات لليبيين خاصة الكهرباء والمياه والصحة ولا سيما مكافحة جائحة فيروس كورونا، وتوفير السيولة النقدية وتحسين القدرة الشرائية للمواطن، إضافة إلى المصالحة الوطنية.

ويرى الأستاذ الجامعي الليبي، شريف العبيدي، أنه "من المستحيل إرضاء الجميع ولو بحكومة مؤلفة من 100 وزير، إذ سيكون هناك من يشكو الحيف دائما، سواء قبيلة أو مجموعة أو منطقة"، مضيفا أن "الأهم هو أن تنفذ الحكومة أولوياتها لأن مدة عملها قصيرة".

وبشأن تصويت مجلس النواب بمنح الثقة للحكومة، أكد العبيدي أن "النواب سيجدون أنفسهم مجبرين على تجاوز خلافاتهم ومنح الثقة للحكومة، لأنها أولوية وطنية ينبني عليها مستقبل البلاد ويرتبط بها مصير البرلمان نفسه، لأنه إن لم يمنح الثقة للحكومة، ستتولى لجنة الـ75 اعتمادها".

ويعبر بعض المحللين السياسيين ومتابعي المشهد الليبي عن مخاوف من إمكانية أن يلجأ رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، إلى المناورة لإجهاض التصويت بمنح الثقة للحكومة.

ويبني هؤلاء المحللون والمتابعون مخاوفهم على كون صالح تنافس مع قائمة رئيس الحكومة عبدالحميد دبيبة، حيث سعى أمام أعضاء ملتقى الحوار السياسي ليصبح رئيس المجلس الرئاسي لكنه خسر الرهان في الجولة الثانية.

ويُعرف عقيلة صالح، الحليف السياسي للمشير خليفه حفتر، قائد قوات الجيش الوطني الليبي، المتمركز في شرق البلاد، بأنه أخذ المؤسسة التشريعية رهينة طوال السنوات الأخيرة، ومنعها من تأدية واجبها وساهم في تعميق الانقسامات بين المؤسسات في البلاد.

لكن المحلل السياسي الليبي، أحمد الفيتوري، يعتقد أن "عقيلة صالح لا يستطيع أن يؤثر على إرادة النواب في منح الثقة للحكومة، ولا أن يناور لإفشال عملية التصويت، لأن المجتمع الدولي وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وبعض النواب حصلوا على ضمانات بأنه سيتصرف لصالح منح الثقة للحكومة"، مضيفا أن "هذه الضمانات جعلت عددا من النواب يشاركون في جلسة مجلس النواب بمدينة سرت".

وأضاف "لذلك تم تأجيل طلب النواب بتغيير رئاسة مجلس النواب واستبدال عقيلة صالح، لأن الأولوية الوحيدة الآن هي تمرير الحكومة لكي تشرع سريعا في إدارة المرحلة الانتقالية".

وبيّن العبيدي أن "المجتمع الدولي والأمم المتحدة شددا على ضرورة التعامل حصريا مع المؤسسات الرسمية"، مذكرا بأن "رئيس مجلس النواب المنعقد في طبرق يحظى باعتراف الأمم المتحدة ولذلك يعتبر شرعيا".

وفي هذا السياق، ذكّر بأن "رئيس الحكومة المكلف، عبد الحميد دبيبة، التقاه في البيضاء (شرق) بعيد انتخابه من طرف ملتقى الحوار السياسي الليبي وتعاطى معه حيث سلمه، في مرحلة أولى، هيكلية الحكومة، ثم تشكيلتها بهدف عقد جلسة التصويت لمنح الثقة دون مماطلة ولا بحث عن خلق بدائل، مع احترام خارطة الطريق".

واشار المحلل السياسي الليبي كذلك إلى أن "دبيبه توجه إلى القاهرة للقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي حليف عقيلة صالح الذي أبلغه برغبة في رؤية رؤية مواصلة رئيس البرلمان لعب دور سياسي في ليبيا أثناء المرحلة الانتقالية عبر البقاء على رأس البرلمان إلى غاية 24 ديسمبر". وختم بأنه "على أساس هذه الحقيقة، سيكون عقيلة صلاح مجبرا على العمل من أجل المصادقة على حكومة الوحدة الوطنية حتى يبقى له مستقبل سياسي".

وفي الواقع، إن تعذر تصويت البرلمان أو لم يصوت بمنح الثقة للحكومة، سيمنح أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي الثقة لهذه الحكومة، وعندها ستصبح المؤسسة التشريعية خارج اللعبة وستزداد الانقسامات بين أعضائها.

إذن، كل الآمال معلقة على جلسة الغد، للمصادقة على حكومة الوحدة الوطنية وتمكين ليبيا من رؤية آخر النفق والدخول في عهد جديد يؤذن بعودة الاستقرار والسلام وتجاوز انقسام المؤسسات الحكومية، عبر تحقيق مصالحة وطنية تطوي نهائيا هذه الصفحة من تاريخ البلاد، وفقا للمحللين الذين يأملون أن يسمح ذلك للشعب الليبي بتضميد الجراح وبدء مستقبل أكثر إشراقا لبلادهم.

-0- بانا/ي ب/س ج/07 مارس 2021