الأخبار

وكالة أنباء عموم أفريقيا

مؤتمر برلين، آخر محطة على طريق التسوية السياسية في ليبيا

طرابلس-ليبيا(بانا)- انطلقت عملية برلين، في سبتمبر الماضي، باستلهام من خطة عمل المبعوث الأممي في ليبيا غسان سلامة، وبرعاية من قمة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى في فرنسا، بهدف إيجاد حل للأزمة الليبية، وها هي تصل إلى موعدها الأخير يوم الأحد القادم.

ويبعث ذلك أملا في تسوية سياسية في هذا البلد الواقع في شمال إفريقيا، عن طريق توافق دولي.

وتستعد برلين لاحتضان لقاء يرى المجتمع الدولي فيه فرصة أخيرة لجمع كافة الأطراف الأجنبية ذات التأثير على الفرقاء الليبيين تمهيدا لعملية سياسية داخلية في ليبيا تحت رعاية الأمم المتحدة.

وعلى رأس الدول المدعوة لقمة برلين الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن الدولي، الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا إضافة إلى إيطاليا وتركيا والإمارات العربية المتحدة ومصر والجزائر والكونغو. كما شملت الدعوة منظمات مثل الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي.

وقد تأكد أن اللقاء المرتقب، الأحد القادم، سيسجل حضورا رفيع المستوى، فإلى جانب أنجيلا ميركل مستضيفة المؤتمر، سيحضر رئيس الوزراء الإيطالي جيوسيبي كونتي، والرئيس الفرنسي أمانويل ماكرون، والوزير الأول البريطاني بوريس جونسون، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ووزيرا خارجية الولايات المتحدة مايك بوميو، وروسيا سيرغي لافروف.

كما وجهت الدعوة لحضور المؤتمر لكل من رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية فائز السراج وقائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر الذين اعربا عن موافقتهما المشاركة في مؤتمر برلين حول ليبيا يوم الاحد 19 يناير

وينتظر المراقبون من هذا الحضور الكبير في مؤتمر برلين اتخاذ قرارات هامة من شأنها إنهاء الأزمة التي تمزق ليبيا منذ ثماني سنوات، أي منذ ثورة 17 فبراير 2011.

وقد تفاقم الوضع مع الهجوم العسكري الذي أطلقه في الرابع أبريل الماضي، المشير خليفه حفتر، للسيطرة على طرابلس والمنطقة الغربية عموما والإطاحة بحكومة الوفاق الوطني المعترف بها من المجتمع الدولي.

المحلل السياسي الليبي، عبدالمؤمن عطية العبيدي، يرى أن "التحضير الجيد لمؤتمر برلين الذي أرجئ عدة أشهر من طرف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، يعكس رغبتها في الحصول على الحد الأدنى من الإجماع والاتفاق المبدئي بين الجميع بغية ضمان خروج اللقاء بنتائج وأن يكون بداية لنهاية النفوذ الأجنبي في ليبيا".

وأكد أنه "بعد تحول ليبيا الى ميدان للحرب بالوكالة، يبدو أن المجتمع الدولي والليبيين أنفسهم سئموا من هذا الصراع المتواصل بلا نهاية، ويجب أن تدخل البلاد منعطفا جديدا يسمح لها باستعادة عافيتها واستقرارها".

ويعتبر العبيدي أن مخرجات لقاء برلين "محل شك لدى بعض الليبيين المترقبين الذين يتساءلون إلى أي درجة يمكن للمؤتمر أن يقدم حلا دائما لهذه الحرب بين الأشقاء التي لا تقدم سوى مزيد من إراقة دماء الليبيين وتعميق معاناتهم".

حرب طرابلس المستمرة منذ عشرة شهور ألحقت خسائر فادحة بالمدنيين حيث سقط منهم أكثر من 300 قتيل ونزح 142.000 من مناطق القتال، وفقا لوكالات الأمم المتحدة التي أشارت إلى أن 2.000 مقاتل من الجانبين قُتلوا أثناء المواجهات المسلحة.

وقد ناقش المسؤولون الألمان ومسؤولو الأمم المتحدة، في الأيام الأخيرة، أهداف مؤتمر برلين وأعطوا تصورا  للنتائج المرجوة.

وهكذا، فقد أكد وزير الخارجية الألماني هايكو ماس أن "اتفاق برلين" يستهدف "تقويض قدرة أطراف الحرب في ليبيا على مواصلة الصراع العسكري على المديين المتوسط والقريب" بهدف تمهيد الطريق لعملية سياسية تشرف عليها الأمم المتحدة.

وأعرب ماس، في لقاء مع برلمانيين من بلاده، عن تفاؤله بإمكانية التوصل لاتفاق بشأن ليبيا خلال مؤتمر برلين، مضيفا "وصلنا الآن لنقطة نعتقد فيها أننا نستطيع التوصل لمثل هذا الاتفاق مع جميع المشاركين، في مثل هذا المؤتمر".

واعتبر رئيس الدبلوماسية الألمانية أن "هذا المؤتمر شرط لكي لا يكون الحل في ليبيا عسكريا، بل سياسيا"، مؤكدا أنه "وصل في هذه الأثناء مع جميع المعنيين إلى تفاهم حول نص اتفاق في إطار عملية برلين بشأن الصراع الليبي".

من جانبه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتريش، المجتمع الدولي إلى تقديم "دعم قوي" لمؤتمر برلين المزمع تنظيمه الأحد القادم، حول السلام في ليبيا، حاثا "أطراف الصراع إلى وقف الأعمال العدائية بينهم".

وكشف غوتريش أن الإعلان الذي سيصدر عن المؤتمر سيركز على "ستة محاور: وقف الأعمال العدائية ووقف دائم لإطلاق النار وتطبيق الحظر على الأسلحة وإصلاح قطاع الأمن والعودة إلى عملية سياسية والإصلاح الاقتصادي واحترام حقوق الإنسان والقانون الإنساني".

وحث كافة الأطراف الليبية المتحاربة على "الإسراع بتعزيز وقف غير مشروط للأعمال العدائية تحت رعاية الرئيسين الروسي والتركي، والانخراط بطريقة بناءة في تحقيق هذا الهدف، خاصة في إطار عملية برلين".

ويجدر التذكير بأن هدنة أعلنت في ليبيا ليل السبت إلى الأحد 12 يناير، استجابة لدعوة الرئيسين الروسي فلادمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان، وكان من المفترض أن يرسخها طرفا الصراع، رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج والمشير خليفه حفتر، الاثنين الماضي في موسكو، بوساطة المسؤولين الروس والأتراك، لتصبح اتفاقا لوقف إطلاق النار.

ووقع السراج على الوثيقة لكن المشير حفتر طلب مهلة وغادر موسكو عائدا إلى بنغازي.

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أبدت تفاؤلا حذرا إزاء نتائج مؤتمر برلين حول ليبيا الذي سينعقد يوم الأحد 19 يناير، معربة عن أملها في تحقيق خطوات تفضي إلى حل تفاوضي للأزمة الليبية والحصول على تأكيد التزام إقليمي ودولي باحترام حظر توريد الأسلحة، طبقا للحظر المفروض على ليبيا من طرف الأمم المتحدة منذ سنة 2011.

وقالت ميركل، في خطاب أمام الكتلة البرلمانية لحزبها المسيحي الديمقراطي، "حان الوقت للتساؤل عما إذا كنا نستطيع اتخاذ قرار على أرفع المستويات السياسية".

وأشارت إلى ضرورة التعامل مع مؤتمر برلين "بقليل من التوقعات"، مبينة أن الهدف من مؤتمر ليبيا "هو أن تحترم جميع الأطراف المعنية الحظر على الأسلحة الذي انتُهك على الدوام بطريقة سافرة، لفتح الطريق أمام حل سياسي".

وبدوره، أعرب الممثل الخاص للأمين العام في ليبيا غسان سلامة، عن أمله في التوصل إلى "حد أدنى من التوافق الدولي"، الأحد القادم في مؤتمر برلين حول ليبيا، بهدف حشد الدعم للدفع بالعملية السياسية في البلاد.

وقال سلامة، في تصريح لإذاعة فرنسا الدولية، "آمل في أن ندخل مع بداية سنة 2020، في منطق جديد يستوجب أن يتوصل مؤتمر برلين إلى الحد الأدنى من التوافق الدولي حول السبيل التي يتعين السير فيها".

وتنعقد جميع الآمال على مؤتمر برلين، الذي يمثل -وفقا للمحللين- آخر فرصة لخروج ليبيا من دوامة العنف واستعادة الاستقرار عبر تشجيع العودة إلى العملية السياسية بقصد تحقيق تسوية سياسية.

ولا يخفي الأكاديمي الليبي معتز فتحي أمين، خشيته من إمكانية فشل مؤتمر برلين على غرار اللقاءات السابقة، مشيرا إلى أن "التدخلات الأجنبية في ليبيا التي تؤجج الصراع خدمة لمصالحها، تشكل تهديدا لكل الحلول".

وذكّر "بفشل إبرام اتفاق حول وقف إطلاق النار في موسكو، بعد رفض حفتر التوقيع  عليه، رغم أن الآمال انتعشت إثر إعلان الهدنة"، معتبرا أن "تغير موقف حفتر في آخر لحظة، بعد أن طلب مهلة إلى اليوم الموالي، وغادر دون أن يبلغ مضيفيه، يعكس حجم الضغوط الأجنبية على الرجل ومعسكره".

ومع ذلك، صمدت الهدنة أكثر من خمسة أيام متوالية دون أن تنهار، ما يمثل بارقة أمل ويعكس رغبة عميقة لدى الأطراف الليبية في تحقيق السلام.

-0- بانا/ي ب/س ج/16 يناير 2020