الأخبار

وكالة أنباء عموم أفريقيا

مؤتمر برلين لتسوية الأمة الليبية وآمال التوصل لحل نهائي

طرابلس - ليبيا (بانا) - يمثل المؤتمر الدولي حول ليبيا المقرر عقده في برلين، برعاية الأمم المتحدة، بحسب بعض المحللين، مؤتمر الفرصة الأخيرة لتسوية الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا بشكل نهائي.

وقد دفع هذا الوضع ألمانيا التي تستضيف هذا الاجتماع للسعي لتنسيق مواقف القوى العظمى الاعضاء في مجلس الأمن الدولي، وأيضا إلى التحلي بالصبر من خلال العمل على اتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة لإنجاح المؤتمر والتوصل إلى نتائج كفيلة بتسوية الوضع القائم في البلاد بصورة دائمة.

وفي الواقع، يرى نفس المحللين أن رهانات هذا المؤتمر ، تتمثل إلى جانب توحيد مواقف المجتمع الدولي، في توفير  التدابير العملية الواجب اتخاذها من أجل التوصل لتسوية للأزمة السياسية والأمنية المزدوجة في ليبيا ، والتي يشكل استمرارها تهديدا للسلام في المنطقة وفي العالم.

وكان المؤتمر مقررا في البداية في الخريف ، أي شهري أكتوبر أو نوفمبر، لكن يبدو أن الجانب الألماني قرر تأجيل موعده، إلى ديسمبر لضمان نجاحه واتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة لتحقيق نتيجة ملموسة وفعالة.

وبالنسبة إلى أستاذ العلوم السياسية الليبي عماد زقلام "فإن البراغماتية في الدبلوماسية الألمانية تعني أن المسؤولين الألمان يتبنون مقاربة حذرة من أجل الاستفادة من كل الفرص للتوصل الى نتائج إيجابية".

وقال إن "حياد ألمانيا في القضية الليبية، بالنظر لعدم وجود مصالح شخصية لها في هذه البلاد وأيضا بالنظر لكونها غير منحازة لأي من المعسكرين المتخاصمين في النزاع في ليبيا، يمنحها مصداقية أكبر مما يسمح لها بالمضي قدما والتحرك بحرية في تنظيم هذا المؤتمر وفق منظورها".

من جانبه يرى محمد الخروبي، المحلل السياسي الليبي أن "ألمانيا حولت مؤتمر برلين إلى مسار للتسوية، نوقشت قراراته بالفعل في اجتماعات تحضيرية، ثلاثة منها عقدت بالفعل بينما من المقرر عقد الاجتماع الرابع في 20 نوفمبر الجاري".

وبحسب الخروبي "تهدف هذه العملية إلى الاتفاق على جميع القضايا والتفاصيل المهمة لحل الأزمة لاعتمادها لاحقا من قبل قادة الدول الأعضاء في مجلس الأمن المشاركين في قمة برلين".

ويقول المسؤولون الألمان إنهم متفقون مع الإدارة الأمريكية على أن يكون مؤتمر برلين فرصة لحل الأزمة الليبية.

وقال وزير الخارجية الألماني هيكو ماس، في مؤتمر صحفي يوم السبت مع نظيره الإيطالي لويجي دي مايو، "إن الولايات المتحدة مهتمة للغاية بعملية برلين" مضيفا "كلنا مهتمون بنزع فتيل أحد عوامل  عدم الاستقرار".

وأضاف أن "دعم إيطاليا لعملية برلين مرحب بها" كما أنه "لا يمكن حل النزاع في ليبيا عسكريا. ويجب أن نبلغ أطراف الصراع بذلك وكذلك المجتمع الدولي."

وقال إن "إيطاليا وألمانيا تنويان العمل من هذا المنظور".

يذكر أن الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا غسان سلامة أكد أن مؤتمر برلين الدولي الذي تشارك فيه الدول الخمس الأعضاء في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا وإيطاليا وتركيا ومصر والإمارات العربية المتحدة يهدف إلى توحيد مواقف المجتمع الدولي والبلدان المنخرطة في الشأن الليبي، مذكرا بشلل مجلس الأمن الدولي الذي اجتمع 14 مرة منذ بدء الهجوم العسكري للسيطرة على طرابلس في 4 أبريل ، بسبب الخلافات بين الدول الأعضاء.

وأكد أن مؤتمر برلين سيعمل على حلحلة الوضع واعتماد قرار وقف إطلاق النار من قبل مجلس الأمن الدولي، ونشر مراقبين محايدين لمراقبة الالتزام بوقف إطلاق النار، والعمل من أجل استئناف العملية السياسية من خلال تدابير بناء الثقة بين الطرفين.

وقال سلامة إنه سيتم إنشاء لجنة متابعة لتنفيذ ما سيتم الاتفاق عليه لضمان تحقيق أهداف المؤتمر.

وبحسب عمران التهامي الناشط في المجتمع المدني الليبي، فإن "دعوة تركيا ومصر والإمارات العربية المتحدة إلى مؤتمر برلين تهدف حملهم على الالتزام بعدم التدخل وعدم إرسال الأسلحة إلى المتحاربين الليبيين"، مذكرا  بأن" استبعاد الجزائر وتونس من المؤتمر يجد تفسيره في حقيقة أنهما ليسا منخرطين في خرق قرارات حظر الأسلحة و تقديم الدعم إلى أي من المتحاربين بالرغم من أن الأوضاع في ليبيا تنعكس مباشرة على جيرانها المباشرين".

وقال إن حل السلام في ليبيا سوف يتم فرضه من قبل المجتمع الدولي الذي سيتحمل مسؤوليته مثلما قام بذلك سابقا وفي حالات مشابهة عبر العالم، مضيفا أنه "سيتم قريبا، بحسب ما تناقلته الصحافة، تقديم تقرير من خبراء الأمم المتحدة إلى لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة يكشف بالإسم الدول التي خرقت الحضر المفروض".

ومن جانبه، قال حافظ الغويل المستشار الليبي السابق لدى البنك الدولي، إن "هجوم حفتر في 4 أبريل والمواجهات التي تلت ذلك خلقت واقعا جديدا"، مشيرا إلى أن "الثقة قد اهتزت تجاه حفتر من قبل المعسكر الداعم للمجلس الرئاسي".

وأضاف في حديث تلفزيوني أنه "من المستحيل على رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج أن يجلس مع حفتر لمناقشة وقف إطلاق للنار أو إجراء محادثات السلام"، وقال "لقد دفع وضع الانسداد هذا المجتمع الدولي إلى تولي مبادرة البحث عن تسوية في ليبيا". 

وبالنسبة لمحمد بويصير، الكاتب والسياسي الليبي فإن "مؤتمر برلين هو تتويج للوعي المتولد لدى المجتمع الدولي الذي قرر تحمل مسؤولياته في ما يتعلق بالوضع في ليبيا الذي استمر أكثر من ثماني سنوات"، مضيفا أن "مجلس الأمن سيتصرف حيال الوضع في ليبيا كما فعل في ليبيريا والبوسنة والهرسك، أي فرض وقف لإطلاق النار، وثني الطرف المهاجم الذي يرفض الامتثال للقرارات ولو أدى ذلك لاستعمال القوة".

كما يرى أن "المجتمعين في برلين سوف يقررون نزع سلاح المجموعات المسلحة والمليشيات نظرا لأن المشكلة التي تطرحها الأسلحة المنتشرة بين الناس والمخاطر التي تمثلها من شأنها تهديد أي حل سياسي"

وأضاف أن "مجلس الأمن سيعمل من خلال مؤتمر برلين على إنشاء محكمة خاصة لمحاكمة المسؤولين عن جرائم الحرب وغيرها من الانتهاكات التي ارتكبت في ليبيا، كما حدث في ليبيريا والبوسنة والهرسك لشارل تايلور وسلوبودان ميلوسوفيتش".

ويظل هناك شيء واحد مؤكد، برأي مراقبي المشهد السياسي في ليبيا، هو أن مسار برلين سيؤدي إلى شيء قوي يسي نهائيا  الأزمة في ليبيا ، على أسس سليمة، بالنظر إلى النهج الذي اتبع والذي يختلف عن نهج  المؤتمرات والاجتماعات السابقة حول الأزمة التي يعرفها هذا البلد.

-0- بانا/ي ب/ع ط/ 10 نوفمبر 2019