الأخبار

وكالة أنباء عموم أفريقيا

مؤتمر "دعم استقرار ليبيا" يعيد لطرابلس بريقها المعهود في المحافل الدولية

طرابلس-ليبيا(بانا)- لم يشذ المؤتمر الوزاري الدولي المعني بـ"مبادرة دعم استقرار ليبيا"، والذي  عقد يوم الخميس الماضي في طرابلس، عن قاعدة اللقاءات الدولية الأخرى حول هذا البلد الواقع بشمال إفريقيا، والتي اختتمت أعمالها كلها بإعلانات نوايا وتجديد للمبادئ العامة، مع استثناءات معدودة، تتمثل خاصة في التداعيات الإيجابية لعودة ليبيا إلى الساحة الدولية واسترجاع الليبيين لاعتزازهم ببلادهم وثقتهم في قدرتها على تحقيق استقرارها، من خلال استعادة مكانتها في المحافل الدولية.

وأبهر التنظيم المحكم لهذا اللقاء العالمي الكبير، الذي حضره 31 بلدا وأربع منظمات دولية، جميع الضيوف وفاجأ الليبيين أنفسهم، ومنحهم جرعة قوية من الأمل في مستقبل بلادهم، بعد هذا العقد القاتم من الزمن الذي زج بها في فوضى أمنية واشتباكات مسلحة شوهت صورتها ودفعتها إلى حافة الهاوية.

وشكلت صورة شوارع طرابلس المزينة بأعلام الدول المشاركة في هذا المؤتمر الذي أقيم على الأرض الليبية للمرة الأولى منذ أكثر من عشر سنوات، مع تمثيل لا يقل أهمية، دافعا كبيرا آخر لابتهاج الليبيين الذين لم يخفوا استعجالهم لطي صفحة الحرب والانقسام وبدء مرحلة إعادة الإعمار.

وأثبتت العاصمة الليبية، التي تحتضن غالبية الليبيين من جميع مناطق البلاد، أنها تستحق بجدارة هذا اللقب، من خلال تقديم صورة مغايرة للصور النمطية التي تروج لها كـ"عاصمة الميليشيات"، كما ينعتها بذلك مناهضوها الذين فتشوا عن ذريعة لغزوها.

وكان رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، قد أدلى بتصريح في هذا الخصوص، عشية المؤتمر، عندما أكد مجددا أن "الليبيين متمسكون بالسلام والاستقرار"، مضيفا أن "طرابلس استعادت اليوم عافيتها ورمزيتها كعاصمة موحدة".

واعتبر الدبيبة أن "استقرار ليبيا هو السبيل الوحيد لاستكمال بناء المؤسسات المدنية والأمنية والعسكرية للدولة والذهاب إلى الانتخابات في موعدها".

وأكد كذلك، في كلمته لدى افتتاح المؤتمر، أن الحضور الدولي الهام في هذا اللقاء رسالة قوية مفادها أن مرحلة الاستقرار والبناء قد بدأت في البلاد.

وفي ختام اللقاء، صرح الدبيبة، في كلمة موجهة إلى اللجان الرئيسية واللجان الفرعية المنظمة للمؤتمر، أن ليبيا تمكنت لأول مرة من استعادة قدرتها على التباحث فوق أراضيها حول إجراءات وجهود استتباب الاستقرار وإحلال السلام، من خلال حكومة موحدة تمثل كافة شرائح الشعب.

وأشاد الدبيبة باللجان الفرعية المكلفة بتنظيم هذا الاجتماع الدولي وبكوادر وزارة الخارجية الذين حرصوا على إنجاز أشغال المؤتمر على جميع المستويات.

وأعرب الدبيبة عن امتنانه أيضا لأفراد الأمن والشرطة الذين سهروا على تأمين المؤتمر وضيوف ليبيا، مؤكدا أن الفضل يعود إليهم في عودة الحياة إلى العاصمة طرابلس.

من جانبها، غردت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش، في تدوينة عبر حسابها على تويتر، تقول "كل تشكراتنا وامتناننا وتقديرنا لجميع من أسهموا، من بلدان شقيقة وصديقة ومنظمات إقليمية ودولية بدون استثناء أو تمييز، في نجاح مؤتمر استقرار ليبيا، وبهذا الزخم غير المسبوق الذي لم تشهده ليبيا منذ عقد من الزمن".

وأضافت المنقوش، في تغريدة أخرى، "اليوم دليل على أن ليبيا في الصدارة وتتطلع إلى مستقبل دولة ليبية أكثر ازدهارا.. مستقبل نكون فيه أحجار بناء ليبيا الجديدة الموحدة للأجيال القادمة. إننا نشهد بناء ليبيا الجديدة الموحدة، ليس لفرد واحد، بل للجميع".

من جهته، قال المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، في منشور، "نرحب بنجاح المؤتمر الدولي لاستقرار ليبيا المنعقد في العاصمة طرابلس، ونحيي جهود حكومة الوحدة الوطنية والدور الذي لعبته وزارة الخارجية في استضافة هذا العدد الهام من البلدان"، مشيدا كذلك، في ختام المؤتمر، "بالدور المميز لوزارة الداخلية في حفظ الأمن والتنظيم الجيد، مع التطلع لبقاء ليبيا دائما بلدا يتمتع باستقلاله ووحدته وحرية شعبه".

من ناحيته، أكد الناطق باسم حكومة الوحدة الوطنية محمد حمودة، أن مؤتمر استقرار ليبيا حقق هدفه السياسي والمعنوي المتمثل في تدشين عهد إيجابي جديد من الدبلوماسية الليبية، وتقديم مؤشر بأن ليبيا تخطو خطوات طموحة على درب الاستقرار والتنمية.

وفي منشور عبر صحفته على الفيسبوك، أشار حمودة إلى أن فكرة مؤتمر دعم استقرار ليبيا تبلورت في ذهن رئيس الوزراء عبدالحميد الدبيبة ووزيرة الخارجية نجلاء المنقوش منذ مؤتمر برلين الثاني، من منطلق أنه يجب على ليبيا إدارة شؤونها والتحكم فيها والوصول إلى مرحلة تتمكن فيها من استضافة كل الفعاليات المرتبطة باستقرارها وأمنها بدل أن تكون محور نقاش في بلدان أجنبية.

ونوه حمودة إلى أن الحكومة تجدد تعهداتها والتزاماتها بعدم السماح باندلاع حرب جديدة بين الليبيين، وسعيها لتحسين ظروفهم المعيشية وجودة الخدمات، وتهيئة كل الوسائل الضرورية لضمان إجراء الانتخابات في موعدها، فضلا عن ضرورة انسحاب جميع المرتزقة والقوات الأجنبية ووضع حد للتدخلات السلبية في الشؤون الليبية.

بدوره، اعتبر الكاتب الصحفي الليبي عبدالرزاق الداهش أن الحضور الدولي في العاصمة الليبية طرابلس في حد ذاته "نتيجة مهمة".

وكتب في، منشور عبر صحفته على الفيسبوك بعنوان "حالة تفاؤل"، يقول إن "هذا الحضور الدولي في العاصمة الليبية طرابلس في حد ذاته نتيجة مهمة، حتى وإن انتهى مؤتمر دعم استقرار ليبيا بلا نتائج".

وأعرب الداهش عن أسفه لأن "الملف الليبي ظل، منذ أكثر من عشر سنوات، تائها بين دول العالم، مسافرا بين قارات العالم، باستثناء ليبيا. ولا يجلس الليبيون، منذ عشر سنوات، إلى الطاولة في وقت واحد، ولا ينزلون بالفندق نفسه، ولا يتناولون فطور الصباح في نفس البوفيه إلا خارج ليبيا".

وأضاف الداهش "نستطيع القول، في المقابل، وبلغة مفعمة بالتفاؤل، إن ليبيا عائدة على الرغم من كل أفخاخ الإحباط".

يشار إلى أن المؤتمر المعني بـ"مبادرة دعم استقرار ليبيا" جدد التأكيد على ضرورة إجراء الانتخابت العامة يوم 24 ديسمبر القادم بصورة شفافة وعادلة، والتمسك بوحدة ليبيا، ورفض التدخلات الأجنبية، وإدانة انتهاكات حظر الأسلحة ومحاولات نشر الفوضى في البلاد، مع التشديد على وجوب رحيل المرتزقة والمقاتلين والقوات الأجنبية، من خلال دعم عمل اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) التي اعتمدت خطة عمل لهذا الغرض.

ويرى المحللون أنه علاوة على هذه التنويهات المبدئية التي تكتسي أهمية فائقة في إبراز ثوابت تسوية الأزمة الليبية، فإن التئام دول العالم فوق الأراضي الليبية ليس للتوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار أو سعيا، في محاولة عاجلة، لاحتواء تصعيد عسكري أو اشتباكات مسلحة، أو للتوقيع على اتفاق سلام بين الفرقاء الليبيين، وإنما لدعم الاستقرار المستتب وترسيخه، يمثل في حد ذاته تقدما هائلا.

كما يشكل جلوس ممثلي بلدان ساندت الهجوم المنفذ يوم 04 أبريل 2019 ضد طرابلس إلى نفس الطاولة، لا سيما الإمارات العربية المتحدة والسعودية ومصر وروسيا وفرنسا، وساهمت في زعزعة استقرار البلاد، وأخرى مثل تركيا وقطر اللتين دافعتا عن الشرعية المجسدة في حكومة الوفاق الوطني السابقة وساهمت في الحفاظ على العاصمة الليبية، يرمز إلى خلاصة مفادها أن الحرب ليست خيارا لتسوية الأزمة في ليبيا.

ويتمثل أحد الأبعاد الأخرى لهذا اللقاء الدولي حول ليبيا في تأكيد دعم الدول المشاركة، خصوصا القوى الغربية العظمى، لإجراء انتخابات 24 ديسمبر العامة التي تمثل صميم المشكلة.

-0- بانا/ي ب/ع ه/ 23 أكتوبر 2021