الأخبار

وكالة أنباء عموم أفريقيا

هل مفاتح حل التصعيد العسكري في ليبيا موجودة في الخارج؟

طرابلس-ليبيا(بانا)-  ما تزال الاشتباكات المسلحة متواصلة، اليوم الثلاثاء، اليوم الثالث عشر من الهجوم الذي تشنه قوات الجيش الوطني الليبي على طرابلس، في وقت تصطدم فيه جهود وقف إطلاق النار بشرط انسحاب وحدات المشير خليفة حفتر إلى مواقعها السابقة، وهو مطلب يرى محللو المشهد السياسي في ليبيا -من باب المفارقات- أن بلدانا أجنبية متهمة بتأجيج النزاع في ليبيا وحدها قادرة على ضمان الاستجابة له.  

وبالفعل، فإن المعارك محتدمة في الضاحيتين الشرقية والجنوبية لمدينة طرابلس، حيث صد الجيش الموالي لحكومة الوفاق الوطني والتشكيلات المسلحة المساندة له الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر، والذي شن يوم 04 أبريل الجاري هجوما على المنطقة الغربية وعلى العاصمة طرابلس.

ولم يستطع أي من المعسكرين حسم الوضع بعد مرور أكثر من أسبوع من المعارك الضارية التي شهدت استخدام مختلف أنواع الأسلحة، سيما المدفعية الثقيلة والدبابات والطائرات، ما أسفر عن 147 قتيل و614 جريح و9500 نازح، فضلا عن تسببها في أضرار جانبية جسيمة طالت الممتلكات العامة والخاصة.

ويؤكد هذا الوضع صحة الرأي الغالب سواء داخل البلاد أو خارجها بعدم وجود حل عسكري في ليبيا.

وبعد أكثر من ثماني سنوات من الاشتباكات المنتشرة والانفلات الأمني الذي أعقب ثورة 17 فبراير 2011 في ليبيا، لم يتمكن أي معسكر من إحكام سيطرته على البلاد.

وفسر المحلل السياسي صلاح الفيتوري "الهجوم العسكري الذي شنه خليفة حفتر ضد طرابلس بنشوة انتصاره الباهر في الجنوب الليبي الذي احتله في بعضة أيام دون مقاومة كبيرة تذكر".

وأوضح الفيتوري أنه "ظنا منه (حفتر) بإمكانية تكرار نفس الإنجاز في الغرب (الليبي)، أطلق وحداته دون استيعاب الاختلافات القائمة بين المنطقتين"، مؤكدا أن "السياق السائد في غرب البلاد حيث يوجد العديد من معارضي وخصوم حفتر لا مجال لمقارنته مع جنوب البلاد".

وفي هذا الصدد، صرح مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة أنه بات من الواضح أن خليفة حفتر لديه أهداف سياسية تتمثل في السيطرة على طرابلس حيث تقع المؤسسات، موضحا في مقابلة أجرتها معه هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) يوم الإثنين أن حفتر قبل بوقف لإطلاق النار لكنه رفض العودة إلى مواقعه السابقة، بينما تطرح حكومة الوفاق الوطني شرطين، أحدهما وقف إطلاق النار، والثاني عودة القوات المعتدية من حيث أتت.

وأعرب سلامة عن أسفه للانقسامات القائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، مبينا أنها تزيد الوضع في ليبيا تعقيدا من خلال زيادة تعنت أطراف النزاع.

وتعهد المبعوث الأممي بالعمل على موائمة مواقف الدول الأعضاء في مجلس الأمن من أجل تبني موقف مشترك يسمح بإنهاء التصعيد في ليبيا.

وفيما يتعلق بالدعم العسكري من بلدان أجنبية، أكد مبعوث الأمم المتحدة أن كلا الجانبين يستفيدان منه، مشيرا إلى أنباء تفيد بوصول طائرتين من الإمارات العربية المتحدة يوم السبت الماضي إلى بنغازي (شرق ليبيا)، ووصول سفينة تركية إلى موانئ في غرب البلاد.

واعتبر مع ذلك أنه طالما يتعلق الأمر بنفس أنواع الأسلحة المعتادة، فذلك يبقى مقبولا نسبيا، محذرا في المقابل من مغبة إدخال أسلحة متطورة، في إشارة إلى صواريخ أرض - جو القادرة على إسقاط الطائرات.

وقال سلامة في مقابلته مع هيئة الإذاعة البريطانية "أسوأ مخاوفي هو احتمال وقوع تدخل أجنبي مباشر في الحرب. هذا سيكون تغييرا كبيرا في قواعد اللعبة، وسيجعل الأمور شديدة الصعوبة، لأنه لو حدث تدخل أجنبي مباشر في الحرب، فذلك سيؤدي إلى تدخل مضاد من أطراف أخرى".

وأعرب سلامة عن أمله في "أن تبقى هذه الحرب ليبية - ليبية لأنه سيكون من الممكن التعامل معها أكثر من حرب بالوكالة أو عبر تدخل أجنبي مباشر"، مضيفا "لو كانوا (الأطراف الأجنبية) يرسلون أسلحة أو أموالا، فذلك سيء بما يكفي، ولكن إذا كان هناك أي نوع من التدخل الأجنبي المباشر، فذلك سيغير قواعد اللعبة، وسيكون أمرا يثير القلق بشكل كبير جدا".

وبقدر ما يساهم الطرف الأجنبي في تأجيج الصراع في ليبيا، بقدر ما يمتلك مفاتح التسوية لهذا التصعيد العسكري. فكلا المعسكرين يتلقيان على حد قول المبعوث الأممي دعما عسكريا من بلدان أخرى تتمتع بما لا يدع مجالا للشك بوسائل ضغط لحملهما على التعقل أو القبول بتقديم تنازلات.

ويستشف ذلك على الأقل من دعوة رئيس البرلمان الأوروبي أنطونيو تاجاني إلى الحكومتين الإيطالية والفرنسية "لإنهاء موسم القبضة الحديدية بينهما وإيجاد حل يضمن استقرار ليبيا".

وأضاف تاجاني في تصريح لوسائل إعلام إيطالية أنه "إذا استمر الوضع، فلن يكون هناك غير القتلى والمهاجرين الذين يحاولون الهرب إلى سواحلنا الأوروبية".

واعتبر الإيطالي تاجاني المنتخب في البرلمان الأوروبي عن حزب "فورزا إيطاليا" الذي يقوده سيلفيو برلسكوني أن "واجب الاتحاد الأوروبي يكمن في جمع الفرنسيين والإيطاليين من أجل التوصل إلى اتفاق. لقد ارتكب الفرنسيون أخطاء، لكن إيطاليا لها حضور ضعيف جدا لا يمكنه أن يكون فعالا جدا.

من جانبها، ذكرت وزارة الخارجية الفرنسية يوم الإثنين أن فرنسا تواصل جهودها عبر القنوات الثنائية ومتعددة الأطراف من أجل الوصول إلى هدنة تشمل كافة الأطراف الليبية وتضع نهاية للاشتباكات في طرابلس.

وذكر بيان صادر عن وزارة الخارجية الفرنسية أن "ذلك يأتي من خلال القنوات الثنائية ومتعددة الأطراف، وكذلك عبر عمل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومجموعة الدول السبع الأكثر تصنيعا، لكي يتسنى إحلال وقف لإطلاق النار في ليبيا".

وتابعت الوزارة أن "باريس تطالب ليس فقط بوقف فوري للأعمال العدائية، وإنما أيضا بتقيد المقاتلين بالقانون الإنساني الدولي واستئنافهم للحوار السياسي".

من جهتها، صرحت وزيرة الدفاع الإيطالية إليزابيتا ترينتا يوم الإثنين أن الحل الدبلوماسي في ليبيا هو الوحيد الممكن من وجهة نظر بلادها، مضيفة أن "الدبلوماسية ينبغي رفعها إلى أعلى مستوى".

وأكدت ترينتا كذلك أنه يجب على بلادها مواصلة الحوار مع كافة الأطراف المعنية بالنزاع، في انتظار التوصل إلى حل غير عسكري.

ويرى المراقبون أنه إذا التقت إرادة فرنسا الدولة العضو في مجلس الأمن والتي تدعم حفتر مع إرادة إيطاليا الداعمة لمعسكر غرب ليبيا، فقد يتسنى الوصول إلى هدنة بأسرع وقت ممكن.

-0- بانا/ي ب/ع ه/ 16 أبريل 2019