الأخبار

وكالة أنباء عموم أفريقيا

مع فتح الطريق الساحلي سرت-مصراتة اليوم، تتجدد الآمال في تنفيذ وقف إطلاق النار في ليبيا

طرابلس-ليبيا(بانا)- أحيا فتح الطريق الساحلي بين سرت ومصراتة (وسط ليبيا)، اليوم الأحد، أملا جديدا في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار والدفع بالعملية السياسية في ليبيا بعد التوترات والانسدادات التي سادت في الأشهر الأخيرة.

هذا الوضع كان اختبارا صعبا للتوافق الهش الحاصل بين الليبيين برعاية الأمم المتحدة لكن التدخلات الأجنبية ما فتئت تؤججه خدمة لمصالحها.

وفي وقت سابق من صباح اليوم، أعلن رئيسا السلطة التنفيذية الموحدة الموقتة الليبية، رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة، عن فتح الطريق الساحلي بعد سنتين من الإغلاق نتيجة الصراع المسلح في البلاد.

وبعد وصوله إلى مصراتة (220 كلم شرق طرابلس)، توجه رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، إلى الطريق الساحلي، وقاد بنفسه إحدى الآليات التقيلة لإزاحة السواتر الرملية والعقبات الأخرى من الطريق الساحلي (سرت-مصراتة).

وتداولت شبكات التواصل الاجتماعي صورا للدبيبة، خلال مشاركته في فتح الطريق.

ولقي فتح الطريق الساحلي ترحيبا واسعا من مختلف الجهات، باعتباره حدثا عظيما على سبيل تطبيع الوضع في ليبيا.

وفي سياق هذه الردود، قال وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا، إن فتح الطريق الساحلي (سرت - مصراتة) اليوم، يمثل خطوة إيجابية "نحو لم شمل الليبيين ورفع المعاناة عنهم"، مثمنا "جهود غرفة عمليات سرت - الجفرة في تطبيق اتفاقية لجنة (5+5) العسكرية".

وأكد باشاغا، في تغريدة على حسابه بموقع تويتر، أنه عمل على دعم وتأمين أول اجتماعات اللجنة العسكرية (5+5) في مدينة غدامس (650 كلم جنوب غرب طرابلس)، خلال توليه وزارة الداخلية، والذي نتج عنه اتفاق وقف النار الموقع في أكتوبر 2020.

ودعا وزير الداخلية السابق، أعضاء اللجنة العسكرية إلى أن يستمروا في تنفيذ الاتفاق بكافة بنوده وتفاصيله، وأهمها انسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة، ودعم مسار الانتخابات في ديسمبر المقبل، لكي يقرر الشعب مصيره من خلال صناديق الاقتراع.

من جانبه، دعا عضو مجلس النواب الليبي عبد السلام نصية، الليبيين لتحكيم العقل وتغليب المصلحة العليا للبلاد والتحاور والتفاهم والتوافق بعيدا عن التدخلات الأجنبية.

وقال نصية، في تدوينة له بموقع فيسبوك، "سعداء جدا بفتح الطريق بين سرت وأبوقرين"، مضيفا "نتمنى أن تفتح القلوب أيضا ونحكم العقل والمصلحة العليا للبلاد وندرك جميعا أن الوطني من يتنازل للوطن وأن ليبيا للجميع وبالجميع وليس أمامنا إلا أن نتحاور ونتفاهم ونتوافق بعيدا عن كل التدخلات الاجنبية".

السفارة الأمريكية، بدورها، علقت على فتح الطريق الساحلي اليوم الأحد، وأكدت ضرورة أن يركز الليبيون والقوى الأجنبية على تشجيع الاستقرار من خلال السماح لهذا الطريق بالبقاء مفتوحًا.

ونشرت السفارة تغريدة على تويتر، قائلت فيها إن "فتح الطريق الساحلي مهم، ويأتي في الوقت الذي يستعد فيه المجتمع الدولي للاجتماع في برلين".

وأضافت: "يجب أن يركز الليبيون والقوى الأجنبية على حد سواء على تشجيع الاستقرار، من خلال أفعال مثل السماح لهذا الطريق بالبقاء مفتوحا وتمهيد الخطى أمام الليبيين للسيطرة الكاملة على شؤونهم الخاصة، بما في ذلك الانتخابات في ديسمبر".

وقد شجعت اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 المكونة من خمسة ضباط سامين من كلا الطرفين المتصارعين في ليبيا، بعد توقيعها في 23 أكتوبر الماضي على اتفاق وقف إطلاق النار في جنيف برعاية الأمم المتحدة، الدفع بالعملية السياسية وشكّلت قاطرة لمسارات التفاوض الأخرى بين الفرقاء الليبيين، خاصة المسار السياسي عبر ملتقى الحوار السياسي الليبي الذي وضع خارطة طريق تتضمن تحديد موعد الانتخابات الوطنية بـ24 ديسمبر، وإطلاق مرحلة انتقالية واختيار سلطة تنفيذية موحدة موقتة مكلفة بتوحيد مؤسسات الدولة.

وهكذا، سيُكرس الاجتماع الخامس للجنة، اليوم الأحد، لتنسيق القرارات المتخذة في اللجان الفرعية والمتعلقة بالدوريات المشتركة على الطريق ومراكز المراقبة الأمنية المشتركة وتشكيلة قيادتها.

كما سيناقش أعضاء اللجنة خروج المقاتلين الأجانب والمرتزقة، البند الآخر من اتفاق وقف إطلاق النار، الذي لم يُطبق بعد.

وذكرت مصادر عسكرية من القوات التابعة لحكومة الوحدة الوطنية أن فتح الطريق الساحلي بين سرت ومصراتة جاء مقابل إعطاء الطرف الآخر التابع للجيش الوطني الليبي المتمركز في الشرق بقيادة المشير خليفة حفتر، مهلة لانسحاب مرتزقة فاغنر الروسية من سرت وقاعدة الجفرة (وسط البلاد).

وطُرحت مسألة المرتزقة والمقاتلين الأجانب في ليبيا خلال اجتماع غير رسمي لمجلس الأمن الدولي، درس فيه تبعات انسحابهم على منطقة الساحل الافريقي.

وقد كشفت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة والمنسقة المقيمة للشؤون الإنسانية في ليبيا، جورجيت غانيون، خططًا يجرى إعدادها لسحب المقاتلين الأجانب والمرتزقة من البلاد، لا سيما من قبل اللجنة العسكرية المشتركة 5+5.

وقالت جورجيت غانيون خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي، "لم يكن هناك انسحاب للمرتزقة أو المقاتلين الأجانب، ولكن يجرى إعداد خطط لذلك"، مشيرة إلى أن اللجنة العسكرية المشتركة ستناقش بشكل أكبر "خطة محددة لتسلسل انسحاب المرتزقة، مع هيكل مرحلي لذلك، ونزع السلاح قبل طردهم".

ودعت غانيون مجلس الأمن الدولي إلى تحديد جميع أصحاب المصلحة، بما في ذلك السودان، وتشاد، الذين يجب أن "يوفروا عملية انسحاب منظمة لتجنب زعزعة الاستقرار في ليبيا وفي البلدان المجاورة".

واعتبرت أن العقوبات ضد الدول التي لا تزال تنتهك قرارات مجلس الأمن الدولي بشأن ليبيا، وكذلك التهديدات بفرض عقوبات على ليبيين يؤثرون على وجود المرتزقة، هو "حل محتمل لمشكلة المقاتلين الأجانب الذين يتقاضون رواتب عالية".

من جهته، أكد ممثل ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة الطاهر السني، خلال الاجتماع غير الرسمي لمجلس الأمن الدولي، أن على الدول التي يتواجد مواطنوها كمرتزقة في ليبيا أن تتحمل مسؤولياتها وأن تدعم اتفاق اللجنة العسكرية المشتركة لإخراجهم.

وكتب في سلسلة تغريدات أنه شدد في الاجتماع على ضرورة "أن تتحمل الدول التي يتواجد مواطنوها كمرتزقة في ليبيا مسؤولياتها وأن تدعم اتفاق اللجنة العسكرية المشتركة لإخراجهم، بالتزامن مع نزع أسلحتهم من خلال استراتيجية شاملة تضم دول الجوار والساحل الإفريقي بالتنسيق مع ليبيا والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة".

وأضاف السني: "العديد من المرتزقة الذين يشكلون تهديدا لدول إفريقيا بعد أن أُقحموا في الصراع الليبي منذ سنوات، هم مليشيات مسلحة معارضة لدولها، لذا لا يمكن فصل هذا التحدي عن الصراع السياسي الداخلي في تلك الدول".

وطالب "بمحاسبة من يقدم السلاح والمال ومن يُقحم المرتزقة في ليبيا أفراداً أو مجموعات أو دولا".

وستكون مسألة إخراج المرتزقة حاضرة خلال مؤتمر "برلين 2" المقرر عقده، الأربعاء القادم، والذي سيكرس لمتابعة تنفيذ خارطة الطريق الصادرة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي.

وتعتزم ليبيا تقديم مبادرة حول الاستقرار في البلاد، عبر وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، وتتضمن التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار وفق جدول زمني محدد لانسحاب المرتزقة والمقاتلين الأجانب وتوحيد مؤسسات الدولة والجيش.

-0- بانا/ي ب/س ج/20 يونيو 2021