الأخبار

وكالة أنباء عموم أفريقيا

مساع حثيثة وجهود مكثفة لعقد مؤتمر دولي حول ليبيا

طرابلس-ليبيا(بانا)- شهدت الأيام الماضية تكثيفا للجهود وتسارعا في الحراك الدبلوماسي المستمر الذي يقوم به مختلف الشركاء المعنيين بالملف الليبي، بعد الكشف عن موعد المؤتمر الدولي حول ليبيا الذي سوف تستضيفه برلين عاصمة ألمانيا، في أكتوبر القادم، تحت رعاية الأمم المتحدة، ويهدف إلى إيجاد حل تفاوضي للأزمة الليبية.

وتعكس هذه الجهود الحثيثة إرادة قوية لدى المجتمع الدولي بدفع من الأمم المتحدة، لإيجاد حل للوضع في ليبيا والذي بدأ يمتد إلى البلدان المجاورة وحتى أبعد من ذلك، حيث أصبح يشكل تهديدا حقيقيا للسلم والأمن العالميين، بالنظر إلى مخاطر تفاقم وتشعب الحالة الليبية إن استمر هذا الصراع إلى ما لا نهاية، وفقا للمحللين.

الأستاذ الجامعي، صلاح المجابري يعتقد أن "الإرادة تبدو أكثر وضوحا لدى قادة البلدان المعنية بالشأن الليبي، خاصة القوى الغربية الكبرى التي بدأت تتحدث بلهجة جديدة أكثر انسجاما وبراغماتية إزاء تسوية الأزمة الليبية".

وكذلك، يرى عبد السلام الفيتوري، الموظف في الإدارة العمومية بطرابلس، أن "المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، استخلص الدروس من الإخفاقات المتتالية السابقة سواء على المستوى الدولي أو ما بين الليبيين وهو ما يعطيه التجربة الكافية لإنجاح خطته الأخيرة".

واعتبر أن "خطة سلامة المكونة من ثلاث نقاط تضع ضوابط قوية لإحراج الفرقاء وحشرهم في الزاوية حتى لا يبقى لهم سوى هامش ضيق للمراوغة السياسية وتجاهل الجهود الأممية"، مبينا أنه "لذلك طالب سلامة بهدنة إنسانية ووقف دائم لإطلاق النار ووقف تدفق الأسلحة من بعض الدول التي يجب أن تلتزم بالحظر المفروض على توريد السلاح إلى ليبيا".

وأشار الفيتوري إلى أن "طلب توسيع اختصاصات بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لتشمل الإشراف على وقف إطلاق النار وموافقة مجلس الأمن على ذلك مع تمديد ولايتها إلى 2020، أمور تؤذن بقرب التوصل إلى وقف إطلاق النار في ليبيا".

وفي إطار اتصالاته الرامية إلى التعبئة للمؤتمر الدولي حول ليبيا، دعا رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا غسان سلامة، يوم الأحد خلال زيارته للجزائر، كافة الأطراف الليبية والجهات الدولية الداعمة لها دون أن يسميها، "إلى مزيد من الواقعية" معتبرا "أن لا حل للمشكلة الليبية إلى بالسبل السياسية".

وأعلنت ألمانيا أنها شرعت في خطوات دبلوماسية على أكثر من مستوى لضمان نجاح المؤتمر الذي سيبحث تسوية الأزمة الليبية، حيث فتحت طرقا متنوعة للتواصل مع العديد من المنظمات الإقليمية والدولية بقصد فهم العناصر الأساسية اللازمة لتفادي تكرار الأخطاء التي وقعت في المؤتمرات السابقة.

وقالت وزراة الخارجية الألمانية "إن العاصمة برلين استقبلت، الاثنين، وفودا دبلوماسية تمثل الدول التالية: فرنسا، إيطاليا، الولايات المتحدة، الصين، تركيا، مصر والإمارات العربية المتحدة، بهدف رسم الخطوط العريضية للمواضيع التي سوف تناقَش خلال مؤتمر برلين".

وأوضحت الوزارة أن التحضيرات الجارية للمؤتمر الذي ترعاه الأمم المتحدة "ترمي إلى وضع رؤية وترتيب للأولويات لقادة الدول أو ممثليهم في القمة التي يتوقع أن تُعقد قبل نهاية شهر أكتوبر أو خلال النصف الأول من نوفمبر".

وأضاف نفس المصدر أن المؤتمر يهدف إلى تطوير برنامج "للنوايا الطيبة" وليس لاتخاذ قرارات من أجل تنفيذ فوري، "لأن التشعبات الحالية للأزمة وصعوبة التحكم فيها لا تشجع على تبني قرارات محددة خشية أن لا تكون قابلة للتطبيق على الأرض".

وفي إطار هذه الجهود الرامية لإنجاح المؤتمر الدولي حول ليبيا، سيجتمع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية فائز السراج، اليوم الأربعاء في العاصمة روما، مع رئيس الحكومة الإيطالية جوزيبي كونتي، لبحث آخر المستجدات في ليبيا والجهود الدولية للضغط من أجل حل للأزمة، وفقا لمصدر دبلوماسي إيطالي.

وفي مايو الماضي، التقى السراج بكونتي في إطار جولة أوروبية بدأها من إيطاليا، بعد أقل من شهر على انطلاق الهجوم العسكري على العاصمة طرابلس.

ويتزامن هذا اللقاء الجديد مع زيارة يقوم بها الرئيس الفرنسي أمانويل ماكرون لروما اليوم، حيث سيجري محادثات مع رئيس الحكومة الإيطالية جيوسبي كونتي، بغية التنسيق بشأن الوضع في ليبيا والتحضير للمؤتمر الدولي الذي تحضّر له ألمانيا بدعم من الأمم المتحدة ويرمي إلى تعزيز الحظر الدولي على توريد الأسلحة باعتبار أنه الخطوة الأولى نحو التوصل إلى اتفاق بين الأطراف الليبية حول حل سياسي دائم للأزمة.

وكانت قمة الدول الصناعية السبع الكبرى التي استضافتها فرنسا مؤخرا، أكدت دعمها لهذا المؤتمر الدولي حول ليبيا بإشراف ألمانيا وفرنسا.

ويجدر التذكير بأن المبعوث الأممي غسان سلامة دعا، في إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي في 29 يوليو الماضي، إلى تنفيذ عملية من ثلاث مراحل: هدنة إنسانية تنهي التصعيد العسكري يتلوها وقف دائم لإطلاق النار، ثم تنظيم مؤتمر دولي للبلدان المعنية بالملف الليبي وأخيرا، عقد اجتماع بين الأطراف الليبية. لكنه أكد أن الصراع سيستمر ما لم يظهر الفاعلون الرئيسيون المتدخلون في ليبيا التزاما تجاه الحل السياسي".

وبيّن سلامة أن هدف المؤتمر الدولي "هو إرسال رسالة قوية بضرورة الالتزام بالحظر على الأسلحة والتعهد بعدم التدخل في الشؤون الليبية ومعالجة الأسباب الجذرية للصراع وفقا لما يحدده الليبيون أنفسهم والتأكيد على الدعم الواضح والفعال لأي صيغة سياسية يتوافق عليها الليبيون".

من جانبه، صرح وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، خلال زيارته أمس الثلاثاء للعاصمة المصرية القاهرة، بأن بلاده "تدعم الأطراف الليبية في التوصل إلى حل سياسي وسلمي".

وأوضح أن "ذلك يمكن أن يتحقق باحترام الشروط الأساسية لوقف إطلاق النار والتقاء جميع الأطراف على مائدة واحدة للحوار، مع انتهاج السبل السياسية والتوافق على تنظيم انتخابات".

وأضاف لودريان، في مؤتمر صحفي مشترك في القاهرة مع نظيره المصري سامح شكري، أن "المجتمع الدولي إن كان متفقا على هذه المسألة التي صدر بشأنها كذلك قرار من الأمم المتحدة ومبعوثها، فإننا سنكون على الطريق الصحيح وننتظر نتائج بهذا الخصوص خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة واجتماع وزراء الخارجية الأسبوع القادم".

وأشار رئيس الدبلوماسية الفرنسية إلى أن "الوضع في ليبيا استعجالي ويجب أن نتدخل لإيجاد حل. نعلم أن الدول الإفريقية المجاورة ترغب في حل هذه المشكلة وإذن سنعمل سويا للتوصل إلى حل سياسي".

ويرى المحللون أن صحوة الضمير الجديدة لدى الدول المتورطة في الأزمة الليبية والتزامها بالتوصل إلى حل، تمثل بادرة جيدة لنجاح المؤتمر الدولي حول ليبيا وضمانا لتسوية سياسية في هذا البلد الواقع في شمال إفريقيا.

-0- بانا/ي ب/س ج/18 سبتمبر 2019