الأخبار

وكالة أنباء عموم أفريقيا

الصراع المسلح في السودان: آلاف القتلى ونزوح الملايين، مع نهب الممتلكات وتجنيد الأطفال

جنيف-سويسرا(بانا)- أفاد تقرير شامل جديد صادر، يوم الجمعة، عن مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، أن الصراع المسلح في السودان أدى إلى مقتل آلاف المدنيين وتشريد الملايين ونهب الممتلكات وتجنيد الأطفال، مع امتداد القتال إلى مناطق جديدة في البلاد منذ بداية المواجهات في أبريل الماضي.

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك: "منذ ما يقرب من عام، تتحدث الروايات الواردة من السودان عن الموت والمعاناة واليأس، مع استمرار الصراع الذي لا جدوى منه وانتهاكات حقوق الإنسان دون نهاية تلوح في الأفق".

ويورد التقرير تفاصيل عن العديد من الهجمات العشوائية التي شنتها كل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على مناطق مكتظة بالسكان أثناء القتال خلال الفترة الواقعة بين أبريل وديسمبر 2023 بما في ذلك مواقع تؤوي النازحين داخلياً خاصة في العاصمة الخرطوم وأم درمان وكردفان ودارفور.

وبحلول منتصف ديسمبر الماضي، كان أكثر من 6,7 ملايين شخص قد نزحوا بسبب الصراع – سواء داخل السودان أو إلى البلدان المجاورة. وقد ارتفع العدد منذ ذلك الحين إلى أكثر من ثمانية ملايين.

ويؤكد التقرير من جديد الحاجة الماسة لإنهاء القتال وكسر دائرة الإفلات من العقاب التي أدت إلى نشوب هذا الصراع، حسب المسؤول الأممي الأول عن حقوق الإنسان.

ويستند التقرير إلى مقابلات أجراها المكتب مع  303 من الضحايا والشهود، بما في ذلك عشرات من المقابلات التي أجريت في أثيوبيا وشرق تشاد، فضلاً عن تحليل الصور الفوتوغرافية ومقاطع الفيديو وصور الأقمار الاصطناعية ومعلومات من مصادر مفتوحة أخرى.

وتظهر نتائج التقرير أن طرفي الصراع استخدما أسلحة متفجرة ذات تأثير واسع النطاق، مثل القذائف التي يتم إطلاقها من الطائرات المقاتلة والطائرات بدون طيار والأسلحة المضادة للطائرات وقذائف المدفعية في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية.

يجب إسكات الأسلحة في السودان وتوفير الحماية للمدنيين، كما أن هناك حاجة ماسة لاستئناف المحادثات الشاملة بجدية لاستعادة الحكومة المدنية من أجل فتح طريق إلى الأمام"، أضاف تورك.

وخلال هذا الأسبوع فقط، تحقق مكتب حقوق الإنسان من مقطع فيديو موثوق به يُظهر قطع رؤوس أربعة طلاب على يد رجال يرتدون زي القوات المسلحة السودانية في مدينة الأبيض أثناء سفرهم عبر ولاية شمال كردفان، اعتبروهم أنصاراً لقوات الدعم السريع بناءً على انتمائهم العرقي المفترض.

ويُظهر مقطع الفيديو، الذي تم نشره على وسائل التواصل الاجتماعي في 15 فبراير، رجالاً يرتدون ملابس للجيش يستعرضون رؤوسا مقطوعة في الشارع ويرددون إهانات عرقية.

وأكد تورك أنه "يجب إسكات الأسلحة في السودان وتوفير الحماية للمدنيين".

ويقدم التقرير حادثين منفصلين وقعا في الخرطوم في أبريل 2023، حيث أدت ثمانية صواريخ أطلقتها القوات المسلحة السودانية إلى مقتل ما لا يقل عن 45 مدنياً. وفي يونيو، أصابت قذيفتان مدفعيتان أطلقتهما قوات الدعم السريع سوق ليبيا، وهو سوق في مدينة أم درمان، مما أسفر عن مقتل 15 مدنياً على الأقل. وفي وقت لاحق، في 28 سبتمبر 2023، انفجرت قذائف أطلقتها قوات الدعم السريع في محطة للحافلات في أم درمان، مما أدى إلى مقتل 10 مدنيين على الأقل". 

وكشف التقرير أنه في الفترة ما بين مايو ونوفمبر 2023، نفذت قوات الدعم السريع والمليشيا العربية المتحالفة معها ما لا يقل عن 10 هجمات ضد المدنيين في مدينة الجنينة، عاصمة غرب دارفور، مما أسفر عن مقتل آلاف الأشخاص، معظمهم من قبيلة المساليت الإفريقية. كما ارتكبت قوات الدعم السريع وحلفاؤها عمليات قتل في بلدة مورني وأرداماتا، حيث تم دفن ما لا يقل عن 87 جثة في مقبرة جماعية.

وذكر التقرير أنه بحلول 15 ديسمبر 2023، تعرض ما لا يقل عن 118 شخصاً للعنف الجنسي، بما في ذلك الاغتصاب والاغتصاب الجماعي ومحاولة الاغتصاب، من بينهم 19 طفلاً.

وخلُص التقرير إلى أن العديد من عمليات الاغتصاب ارتُكبت في المنازل والشوارع من قبل أفراد ينتمون لقوات الدعم السريع. ويضيف أن إمرأة تم إحتجازها في أحد المباني حيث تعرضت للاغتصاب الجماعي بشكل متكرر على مدار 35 يوماً.

وأشار التقرير إلى أن الطرفين يجندان بصفة نشطة في جميع أرجاء البلاد. وقامت قوات الدعم السريع  بتجنيد الأطفال من القبائل العربية في دارفور وكردفان، بينما أعلنت الهيئة الشعبية لدعم القوات المسلحة السودانية، وهي كيان شعبي مؤيد للقوات المسلحة السودانية، أنها قامت بتسليح 255 ألف شاب في معسكرات في جميع أنحاء السودان".

وقد استجابت القبائل الإفريقية، بما في ذلك قبائل الفور والمساليت والزغاوة، لحملات التجنيد التي أطلقتها القوات المسلحة السودانية، وفق التقرير. 

وقال تورك: "بعض هذه الانتهاكات قد ترقى إلى جرائم حرب".

وأضاف: "يجب أن تكون هناك تحقيقات سريعة وشاملة وفعالة وشفافة ومستقلة ومحايدة في جميع الادعاءات بشأن الانتهاكات والتجاوزات للقانون الدولي لحقوق الإنسان وانتهاكات القانون الدولي الإنساني، ويجب تقديم المسؤولين عنها للعدالة". 

كما دعا المفوض السامي طرفي الصراع إلى ضمان الوصول السريع ودون عوائق للمساعدات الإنسانية في جميع المناطق الخاضعة لسيطرتهما. 

وأكد أن "المفاوضات الجادة والشاملة بهدف إقامة حكومة يقودها مدنيون هي التي ستفتح الطريق نحو المستقبل" في السودان.

-0- بانا/م أ/س ج/25 فبراير 2024