الأخبار

وكالة أنباء عموم أفريقيا

زيادة عدد الإصابات بفيروس "كوفيد 19" تثير القلق في ليبيا

طرابلس-ليبيا(بانا)- سجلت ليبيا سبع حالات إصابة مؤكدة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، بين السبت والإثنين، ليرتفع عدد الإصابات المؤكدة خلال أسبوع إلى ثماني حالات، ما يمثل تطورا سريعا لوتيرة العدوى التي تثير الكثير من التساؤلات، سواء على مستوى جاهزية واستجابة السلطات، أو فيما يتعلق بقدرات المنظومة الصحية على مواجهتها.

ويشهد تفشي جائحة فيروس كورونا زيادة مستمرة، إذ تكشف الإحصائيات المستجدة كل يوم عن تسجيل إصابات جديدة حول العالم، مع ما يترتب عليها من ضحايا.

وما يفسر التخوف مما قد يحدث في ليبيا التي تمزقها الحرب وأكثر من تسع سنوات من الانفلات الأمني، أن قوى غربية عظمى مثل الولايات المتحدة التي أصبحت تسجل أكبر عدد من المصابين، متقدمة على الصين التي كانت بؤرة تفشي "كوفيد 19"، وانهيار إيطاليا أمام تصاعد الوباء، مسجلة قرابة 1000 وفاة في اليوم (العدد الأكبر في العالم)، وإسبانيا وفرنسا اللتين تحصيان كل ساعة مئات حالات الوفاة والإصابة الجديدة.

ويضرب الوباء بقوة في العالم، مع تسجيل أكثر من 755 ألف إصابة، بينها ما لا يقل عن 36000 وفاة في 183 دولة وإقليم منذ ظهور الوباء، خلال ديسمبر الماضي، في الصين التي أحصت 3295 حالة وفاة من أصل 81394 إصابة.

وتسجل الولايات المتحدة حاليا أكبر عدد من حالات الإصابة في العالم، بأكثر من 124686 حالة، و2190 وفاة، تليها إيطاليا بـ92472 إصابة، و10023 وفاة، بينها 889 في 24 ساعة.

وبلغ عدد حالات الإصابة المؤكدة في إسبانيا -البلد الأوروبي الآخر المتضرر بشكل كبير من الجائحة- 78797 حالة يوم الأحد، و6528 وفاة. 

وأحصت إيران 38309 حالات إصابة، و2640 وفاة، تليها فرنسا بـ2314 وفاة من أصل 37575 إصابة بفيروس كورونا.

ويثير هذا الوضع السائد في بلدان تتوفر على إمكانيات وأنظمة صحية متطورة التخوف من حدوث ما لا يحمد عقباه في ليبيا، على الرغم من الإجراءات المعتمدة من قبل السلطات الليبية التي اتخذت إجراءات المرحلة الرابعة، في حين أن البلاد لم تزل في المرحلة الأولى، كخطوة استباقية لاستخلاص الدروس من البلدان التي سبقتها في مواجهة فيروس كورونا.

وبالفعل، فقد تم تحصين البلاد، بغلق الحدود البرية والمجال الجوي، وقرار المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني تمديد ساعات حظر التجول ليستمر من الساعة 00ر14 إلى الساعة 00ر07 ، اعتبارا من يوم الأحد، بعدما كان ساريا من الساعة 00ر18 إلى الساعة 00ر06 ، وخفض ساعات العمل في الإدارة العامة إلى ثلاث ساعات (00ر09 إلى 00ر12).

وتضاف هذه الإجراءات إلى غلق المؤسسات التعليمية والمقاهي والمطاعم، ومنع التجمعات في الأماكن العامة، وفرض حجر عام على السكان.

وأفرج المجلس الرئاسي عن غلاف مالي إجمالي بقيمة 14ر375 مليون دولار أمريكي، لتمويل جهود مكافحة هذه الجائحة في البلاد.

وقررت السلطات المحلية لمدينة مصراتة (220 كلم شرق طرابلس) التي سجلت يوم السبت الماضي حالة الإصابة الأولى، قبل أن تضاف إليها، يوم الأحد، خمس حالات أخرى، الحجر العام وحظر التجوال لمدة 24 ساعة على مدى أسبوع، من أجل مكافحة انتشار فيروس كورونا.

وفي تطرقها لهذه المخاوف حول قدرات ليبيا على مواجهة تفشي "كوفيد 19"، أكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في بيان نشرته يوم الأحد، أن "المنظومة الصحية الليبية وغيرها من الخدمات العمومية متضررة من الصراعات المسلحة المتواترة والانقسامات السياسية منذ 2011".

ونقلت هذه المنظمة الحقوقية التي تتخذ من نيويورك مقرا لها عن باحثتها الرئيسية في ليبيا حنان صلاح قولها، "إذا تفشى كوفيد 19 في ليبيا، فلن تتمكن المنظومة الصحية للبلاد من مواجهة عدد كبير من المرضى"، مضيفة "يجب أن تشمل جهود ليبيا خططا لحماية الجميع ورعايتهم، بمن فيهم السكان الضعفاء كالمعتقلين واللاجئين والنازحين".

وكانت وزارة العدل بحكومة الوفاق الوطني قد أمرت، يوم السبت الماضي، بإطلاق 466 موقوف من سجن طرابلس، بهدف تخفيف الاكتظاظ، في إطار خطة مكافحة انتشار فيروس كورونا.

وأكدت "هيومن رايتس ووتش" تلك المخاوف، مؤكدة -بالاستناد إلى المؤشر العالمي للسلامة الصحية 2019- أن "ليبيا مصنفة ضمن البلدان الأقل استعدادا للوقاية والكشف والاستجابة لأزمة صحية ما"، مبرزة أن المؤشر وضع في تقرير 2020 ليبيا ضمن قائمة الـ27 بلدا "الأكثر هشاشة تجاه نزعات المرض الجديدة" من أصل 195 بلد.

ويضاف إلى هذا الوضع الصحي الهش، استمرار انعدام الأمن الذي من شأنه عرقلة جهود الوقاية. ومع الأسف، فقد تفاقم الوضع في الآونة الأخيرة، مع التصعيد العسكري الذي بلغ ذروته، نتيجة تكثيف إطلاق القذائف نحو الأحياء السكنية في طرابلس، مصحوبا باشتباكات برية أخذت، يوم الأحد، بعدا خطيرا في الضاحية الجنوبية لمدينة طرابلس.

ولم تصمد طويلا موافقة المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني والجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، على الدعوة التي وجهتها ثمانية بلدان، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، حول الالتزام بهدنة إنسانية لتمكين السلطات المحلية من رفع تحدي مكافحة وباء فيروس كورونا المستجد، وذلك بسبب تزايد انتهاكات الالتزامات المتخذة في هذا الخصوص.

من جانبه، حث سفير الولايات المتحدة لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، في رسالة مفتوحة يوم الجمعة الماضي، طرفي النزاع في ليبيا على الالتزام بهدنة إنسانية من أجل إتاحة الفرصة لنجاح الجهود المبذولة من قبل السلطات وشركائها الدوليين لكبح انتشار فيروس كورونا في البلاد.

واقترح، كسبيل لتجسيد ذلك، أن يعلق المشير خليفة حفتر "هجومه على طرابلس".

لكن هذا النداء لم يلق، على ما يبدو، آذانا صاغية لدى طرفي النزاع اللذين يبدو أنهما يستغلان جائحة فيروس كورونا والاهتمام العالمي بهذه الآفة الفتاكة، لحسم صراعهما عن طريق الأسلحة.

وأكد الناشط في المجتمع المدني شريف محمد بوعجيلة، في هذا الصدد، أنه "منذ تفشي فيروس كورونا في العالم، ليصبح الاهتمام الرئيسي للبلدان، انتهز حفتر ذلك لدفع هجومه بعيدا، محاولا تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب في الميدان، غير مكترث بتعريض المواطنين الليبيين للمخاطر، أمام تهديد هذا الوباء".

وأشار إلى أنه "بعد ساعات على إعلان الناطق باسم جيشه عن الموافقة على الدعوة الدولية إلى هدنة إنسانية، أمر (حفتر) بإطلاق قذائف على أحياء في طرابلس"، مضيفا أن "هذا دليل على أن حفتر ما يزال في تكتيك مناورات المماطلة، بفعله عكس ما يعلن عنه، وخرقه لكل التزاماته، ورفضه الانخراط فعليا في سلام حقيقي، رغم العروض الكثيرة لوساطات مختلفة".

يشار إلى أن أكثر من 152000 شخص نزحوا عن ديارهم بسبب اشتباكات طرابلس، وفقا للأمم المتحدة التي ذكرت أن بعضهم يعيشون في مآوى مكتظة وغير نظيفة.

من جانبها، قدرت المنظمة الدولية للهجرة عدد النازحين في ليبيا بـ355672 شخص، خلال ديسمبر الماضي.

ويصعب في ظل هذا الوضع تنفيذ إجراءات للوقاية من فيروس كورونا، مثل الحجر العام.

لكن عبدالحميد خليفة الموظف في شركة نفطية بليبيا يعتقد أن "الليبيين يتقيدون في غالبيتهم بالحجر الذي يمثل، حتى اليوم، العلاج الأفضل وإجراء فعالا للوقاية من عدوى كوفيد 19".

ونوه في هذا الإطار، بالتراجع الملموس لحركة التنقل في الشوارع والأنشطة التجارية، واحترام وقف إطلاق النار، بصفة عامة.

وأوضح أن "المشكلة الوحيدة هي على مستوى المصارف، مع مخاطر طوابير الانتظا رالطويلة، بعد ثلاثة أشهر من عدم دفع المرتبات"، داعيا السلطات لاتخاذ إجراءات في هذا الجانب.

وانتقد خليفة "تمديد ساعات حظر التجول الذي قد يسبب خروج المواطنين بأعداد غفيرة للقيام بمشترياتهم في نفس الوقت، الأمر الذي قد يؤدي إلى غزو محلات المواد الغذئية للتبضع".

وفي هذا السياق، أوصت لجنة مكافحة فيروس كورونا مصرف ليبيا المركزي باتخاذ إجراءات كفيلة بتنظيم دخول الزبائن إلى المصارف.

من جانبه، انتقد الوزير والدبلوماسي الليبي السابق الحبيب الأمين الحكومة، نظرا "لتباطؤها وبيروقراطيتها"، مؤكدا، في تغريدة على تويتر، أن الحل يكمن في التقيد بالعزل الذاتي كل في منزله، ودعم الجهاز الصحي والفرق الطبية بكل الوسائل، حتى إن اقتضى الأمر اللجوء إلى جمع التبرعات.

-0- بانا/ي ب/ع ه/ 30 مارس 2020