الأخبار

وكالة أنباء عموم أفريقيا

تداعيات "كورونا" الإقتصادية والإجتماعية تتصدر اهتمامات الصحف التونسية

تونس العاصمة-تونس(بانا)- لا يزال تفشي فيرووس كورونا المستجد (كوفيد-19) وتداعياته الإقتصادية والإجتماعية خاصة على الفئات الهشة والفقيرة يحتل المساحات الأوسع في متابعات الصحف التونسية وتعليقاتها، التي تحدثت باستفاضة عن أن "فيروس كورونا كشف عن حجم تآكل منظومة الصحّة العمومية لأكثر من ثلاثة عقود وهشاشة منظومة التأمين الإجتماعي".

وأجمعت الصحف على أنه بالرغم من المؤشرات الإيجابية في ما يتعلق بالوضع الصحي الوبائي إلا أنها أكدت على "ضرورة اتباع سياسة شد الأحزمة ومزيد اليقظة والحذر والمراقبة من أجل تطويق المرض لأن الوضع لا يزال في عين العاصفة".

واعتبر عدد من كتاب الإفتتاحيات "أننا نواجه خطر الإنفجار الإجتماعي خاصة إذا تواصلت الأزمة وأدت مثلًا إلى تخفيضات كبيرة في أجور الموظفين" فضلا عن وجود "جسم من الناشطين المهنيين في العمل الهش كالمقاهي والمطاعم والحلاقين وعمال البناء الذين لا يمثلهم أحد وهم الآن في المنازل لا يعلمون من أين سيأتون بقُوتِهم".

وفي هذا الصدد، قالت صحيفة (الصباح) إن الحكومة مدعوة في هذه المرحلة إلى عديد المراجعات حتى تتجاوز المحنة بأخف الأضرار الممكنة، وعليها أن تتعاطى بعقلية مختلفة مع الجائحة إذ لا يمكن بأي حال من الأحوال مواصلة الغرق في الديون لتسديد الأجور، ويتعين الإجتهاد للوصول إلى البدائل لإعادة تحريك وإحياء مختلف القطاعات وتجنيب اقتصاد البلاد الإنهيار والإندثار.

بَيْدَ أن صحيفة (الصحافة) أعربت عن الأسف لكون بعض المسؤولين "يتمعشون من أزمة كورونا لتسجيل نقاط إضافية في حساباتهم السياسية عبر  مخاطبة القلوب والعواطف معتقدين أن ذلك أقرب وسيلة للتحيل على عقول المواطنين بعد أن ثبت عجزهم عن توليد أفكار وبرامج ومشاريع تليق بمسؤول دولة".

من جانبها، اعتبرت صحيفة (الصريح) أن مأساة زمن "كورونا" لا تنحصر في الإصابة بالوباء فقط، بل هناك فئات عديدة من الناس تعيش الآن حالة من الجوع وتعجز عن دفع إيجار المنزل أو توفير لقمة العيش بسبب توقف الكثير من الأعمال التي يتقاضى العمال فيها أجرا يوميا أو أسبوعيا أو حتى من أوقفوا عن العمل في مؤسسات اضطرت إلى الإغلاق.

واجتهد عديد المحللين بالصحف التونسية في استشراف عالم ما بعد كورونا. وهنا، تساءلت صحيفة (المغرب) ما الذي سوف يتغير مستقبلا؟ وهل أن الدولة سوف تدفع ثمن الأزمة؟، أم أن الأزمة سوف تعطي نفسا جديدا للدولة؟

وقالت الصحيفة يبدو أن الدولة اليوم لن تكون هي نفسها الدولة زمن ما بعد كورونا،فجدلية التطور والتأقلم تفرض على الدولة أن تواكب التحولات الجذرية التي تقترن بتطور المجتمعات البشرية.

وتوقعت (المغرب) عودة القدرة الجماعية على التغيير والخروج من الإستقالة الجماعية التي كرّستها السياسات النيوليبرالية، بعد عقود من الرفض والإقصاء عقب هيمنة الفكر النيوليبرالي والأراء التكنوقراطية.

وخلصت إلى القول: ستذكّر أزمة كورونا بأخطائنا السابقة وتؤكد بقوة على ضرورة إعطاء المسألة الإجتماعية كل الإهتمام الذي تتطلبه.

أما صحيفة (صوت الشعب)، فتحدثت عن مخاض جغرافيا سياسيّة واقتصادية جديدة، في مقدمتها نهاية عالم أُحادي القطبيّة ومشروع الهيمنة المطلقة للغرب، والسعي في المقابل إلى إرساء عولمة على شكل جديد، كأحد الحلول "السحرية" للمستقبل.

وقال كاتب المقال الإفتتاحي عزيز بن جمعة: من حسن حظ فرانسيس فوكوياما، أنّه تراجع عن مقولته بـ"نهاية التاريخ" قبل أن يتحوّل كورونا إلى كابوسٍ في الدول الغربيّة التي لطالما تباهتْ بنموذجها اللّيبرالي الذي يتمّ فيه تقديم جَنْي الأرباح على الحفاظ على الأرواح. 

وفي صحيفة (الشروق)، عبر عبد الجليل المسعودي عن استغرابه من  قرار منع صدور الصحف الورقية بتونس "توقيا" من كورونا، وقال: لم نسمع بأي دولة واحدة بما فيها تلك التي تعرف تفشيا كبيرا لفيروس كورونا مثل فرنسا أو ألمانيا أو إنجلترا أو الولايات المتحدة، قامت بتعطيل أو إيقاف صدور الصحف الورقية إلا في بلادنا التونسية!

وفي صحيفة (الصباح نيوز)، تطرق الكاتب خليفة الشوشان إلى أوضاع المهاجرين الأفارقة في مركز الإحتجاز بمنطقة "الوردية" بالعاصمة التونسة، وقال: لا يعقل أن نشجب بأقصى العبارات أوضاع المهاجرين التونسيين المزرية في مراكز الإحتجاز في لامبيدوزا الايطاليّة وفي نفس الوقت نستكثر نحن التونسيين ذلك الحق على إخوتنا الافارقة حيث يخضع عشرات المهاجرين للإحتجاز في ظروف مهينة دون مبرر قانوني.

وذكّر الشوشان الحكومة التي تنسب نفسها إلى "مهجتها الثورية"، بأن المبادئ لا تتجزأ، وأن لا فرق بين مراكز الإحتجاز في "لامبيدوزا" وبين مركز "الورديّة"، ليخلص الكاتب إلى إطلاق صرخته: "أوقفوا مأساتهم وأطلقوا سراحهم وامنحوهم حقوقهم وحريتهم ليكون لنا الحق أخلاقيا وإنسانيا في طلب الحقوق نفسها لأبنائنا".

-0- بانا/ي ي/ع د/19 أبريل 2020