الأخبار

وكالة أنباء عموم أفريقيا

تونس: الصراع السياسي ينتقل من الكواليس إلى الشارع والسفارات الأجنبية

تونس العاصمة-تونس(بانا)تتواصل الأزمة السياسية في تونس في ظل تشبث الأطراف السياسية بمواقفها، على خلفية التعديل الوزاري الذي لا يزال يراوح مكانه منذ أسابيع.

ويرفض الرئيس التونسي قيس سعيّد، التعديل الوزاري الذي أعلنه رئيس الحكومة هشام المشيشي، وامتنع عن استقبال الوزراء المعيّنين لأداء اليمين الدستورية، في وقت تعيش البلاد على وقع احتجاجات وأزمة اقتصادية خانقة.

في خضم هذا الوضع، دعت كل من المركزية النقابية والإتحاد التونسي للصناعة والتجارة، إلى الإسراع بإنهاء هذه الأزمة "لأنّ استمرارها سيزيد من حالة الشلل التي تعيشها البلاد منذ أسابيع، وسيهدّد بنسف التجربة الديمقراطية التونسية".

وأكدا "استعدادهما بما لهما من رصيد تاريخي ونضالي ومن ثقل مجتمعي للدفع في كل ما من شأنه أن يساهم في تجاوز هذه الأزمة وفي تحقيق المصلحة الوطنية".

وتحدثت أوساط سياسية بتونس، عن عدم قبول الرئيس قيس سعيّد، وساطة قطرية وأخرى جزائرية لإيجاد حلّ للأزمة.

وفي الوقت الذي تحاول عديد المنظمات الوطنية إيجاد حلّ للأزمة السياسية، فوجئ التونسيون، خلال اليومين الماضيين، بقيام كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان) بلقاءات مع وفود دولية، حيث عقد الأول اجتماعا مع سفراء بلدان الإتحاد الأوروبي المعتمدين بتونس، في حين التقى الثاني سفير الولايات المتحدة الأمريكية، في مسعى لكسب المواقف وكأن استفحال الخلاف وصل إلى مرحلة "التدويل".

لقد أصبح الصراع مفتوحا وعلنيا بين الرئيس سعيّد ورئيس حركة "النهضة"راشد الغنوشي الذي يستغل الأزمة للضغط على رئيس البلاد وتحقيق مكاسب سياسية وذلك عبر التلويح بتحريك الشارع والحشد للتظاهر يوم السبت المقبل.

وهنا تحديدا، اعتبر القيادي والنائب في البرلمان عن حزب "التيار الديمقراطي" زياد غناي، دعوة حركة "النهضة" أنصارها إلى النزول للشارع "بدعة وحركة بهلوانية ونوعا من التحدي للتونسيين".

وقال زياد غناي، في تصريح إعلامي أمس الخميس، إن "نزول الحزب الحاكم للإحتجاج بدعة ولم أرَ مثيلا لها".

وأضاف أن هذه الدعوة "حركة بهلوانية من حركة النهضة التي ليس لها أي تصنيف سياسي محترم أو معقول"، حسب وصفه.

وطالب غناي رئيس الحكومة بالإستقالة للخروج من الأزمة السياسية الحالية.

بدوره، دعا القيادي المستقيل من حركة "النهضة" عبد الفتاح مورو، رئيس البرلمان الحالي راشد الغنوشي إلى اعتزال السياسة، معتبرا أنّ النظام السياسي المطبق "لم يفرز غير الأزمات".

وأكد مورو، وهو الرئيس السابق للبرلمان، أن "دعوات الأحزاب الحاكمة ومنها حركة النهضة إلى التظاهر في الشارع خطأ، لأن الأحزاب التي هي في السلطة مدعوة للإنجاز لا للتظاهر".

من جهته، انتقد رئيس كتلة طتحيا تونس" مصطفى بن أحمد، نزول النهضة للشارع، معتبرا "أن الحركة هي طرف في الإنسداد السياسى الحاصل بالبلاد"، مشددا على أن المسيرة المقررة، غدا السبت، لن تزيد إلا فى تأجيج الأوضاع.

من جانبه، دعا "حزب العمال"، في بلاغ له مساء الخميس، أنصاره إلى التجمع يوم السبت 27 فبراير في العاصمة، تنديدا بما أسماه "عبث منظومة الحكم بمصالح تونس وشعبها".

أما رئيس حزب "مشروع تونس" محسن مرزوق، فقد وصف النخب الحالية بـ"بالرديئة" وحمّل مسؤولية الوضع السياسي لكل من رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية ورئيس البرلمان.

وأمام تعنت هذه الأطراف السياسية في صراعاتها على السلطة، تجتاح البلاد حالة من الإحتقان الإجتماعي بسبب الغلاء وتفشي البطالة، عبر تصاعد موجة الإحتجاجات والإعتصامات في عديد المناطق والقطاعات، حيث بلغ عدد الإحتجاجات الإجتماعية، بين الأول من شهر فبراير حتى الثالث والعشرين منه، 1183 تحرك احتجاجي، حسب ما أفاد بذلك أمس الأول الأربعاء، المنتدى التونسي للحقوق الإقتصادية والإجتماعية كما سجّل المنتدى 1492 تحرك احتجاجي خلال شهر يناير 2021.

وجاء خفض تصنيف تونس من قبل وكالة التصنيف الائتماني "موديز"، منذ يومين، والذي يسبق التصنيف الأخير (ج) ليدق ناقوس الخطر بشأن تردي الوضع الإقتصادي بالبلاد ما يعني بالتالي أنها قد تتحوّل إلى ما يشبه "المتسوّل البليد" الذي يتجنبّه الناس لعدم قدرته على تسديد ديونه، على رأي جريدة "الصحافة".

والسؤال الذي يؤرق التونسيين فعلا: ما الذي يمنع المختلفين سياسيا من الجلوس حول طاولة الحوار إن كانوا فعلا قد ائتمنوا على مصير العباد والبلاد؟!

لكن، من الواضح أن الحسابات الحزبية الضيقة أصبحت هي الثقافة التي تعشش في عقول النخبة السياسية التي يبدو أن محسن مرزوق لم يجانب الحقيقة حين وصفها  بـ"الرديئة".

-0- بانا/ي ي/ع د/26 فبراير 2021