الأخبار

وكالة أنباء عموم أفريقيا

تعدد الحوارات السياسية هل تمثل تكاملا أو منافسة لمنتدى الحوار الليبي؟

طرابلس-ليبيا (بانا) - في الوقت الذي يتعثر فيه منتدى الحوار السياسي الليبي برعاية الأمم المتحدة حول معايير اختيار رؤساء السلطة التنفيذية الجديدة التي ستتولى إدارة المرحلة الانتقالية، أصبحت تثار تساؤلات حول تعدد مسارات الحوار السياسي الليبي وعلاقتها بالمنتدى، وبالخصوص ما إذا كان الأمر تعزيزا وتكميلا لأشغاله أو منافسة له.

ففي مدينة طنجة شمال المغرب، اتفق 123 من النواب الليبيين في ختام اجتماع لهم عقد من 23 الى 28 نوفمبر الجاري، على عقد اجتماع موحد  لمجلس النواب الليبي في مدينة غدامس الليبية (حوالي 600 كلم جنوب غرب طرابلس) لإنهاء حالة الانقسام وإنهاء حالة وحود مؤسستين برلمانيتين واجدة في طبرق والثانية في طرابلس.

وقبل ذلك اجتمع أعضاء من مجلس النواب الليبي والمجلس الأعلى للدولة في مدينة بوزنيقة بالمملكة المغربية، حيث اتفقوا على الترشيحات للمناصب السيادة على أساس ما هو مضمن في الاتفاق السياسي الليبي.

ويتزامن ذلك مع انتهاء الاجتماع الافتراضي الثاني لمنتدى الحوار السياسي الليبي تحت رعاية القائم بالأعمال بالنيابة للممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثتها في طرابلس ستيفاني ويليامز، لكن من دون الإعلان عن أي تقدم ملحوظ. وبالتالي تثار مخاوف بشأن هذه المسارات المتوازية.

ومع ذلك ، فإن الموضوع الرئيسي والوحيد على جدول أعمال اجتماعات المنتدى الليبي حاليا هو وضع معايير لاختيار السلطة التنفيذية لإدارة المرحلة الانتقالية والتي يجسدها المجلس الرئاسي المكون من رئيس ونائبين للرئيس ورئيس وزراء مستقل يشرف على حكومة وحدة وطنية.

وقد أثار هذا الموضوع احتكاكا بين المشاركين الليبيين خلال لقاءاتهم المباشرة من 9 إلى 15 نوفمبر 2020 في تونس العاصمة، مما سلط الضوء على الخلافات عندما يتعلق الأمر باختيار الأسماء المرشحة للمناصب القيادية، هذا على الرغم من أن تلك الجلسات قد سمحت بإحراز تقدم كبير في اعتماد خارطة الطريق وتحديد المرحلة الانتقالية وحصر تاريخ 24 ديسمبر 2021 موعدا لتنظيم انتخابات عامة في البلاد.

وخلال اجتماع تونس، تم اللجوء الى طرق وأساليب ملتوية ومستهجنة مثل استعمال الرشوة لفرض شخصيات معينة رغم أن الأمر يتعلق في الواقع بمصلحة الدولة الليبية مع ما يعنيه ذلك من ضرورة أن يكون هذا المعطى هو المعيار الوحيد للاختيار.

وفي تقييمها لاجتماعات منتدى الحوار السياسي الليبي في تونس ، شددت ستيفاني ويليامز على أن أهم شيء يتمثل في وضع الأساس لتسوية الأزمة مع رزنامة زمنية محددة.

وأكدت أن منتدى الحوار السياسي الليبي في تونس نجح في تجاوز 70 في المائة من الصعوبات نحو الحل، مضيفة "اتفقنا على خارطة طريق تنتهي بإجراء الانتخابات في 24 ديسمبر 2021 ، وهي إنجاز كبير وعلامة فارقة".

وعبرت المسؤولة الأممية، في تصريح صحفي، عن "تفاؤلها بإيجاد آلية لاختيار السلطة التنفيذية بشكل نهائي" ، مشيرة إلى أن "جولة جديدة من المفاوضات ستتم عندما نتوصل إلى توافق حول الآلية الانتخابية".

وفي تعليقه على ذلك، يرى عبد اللطيف محمد عمر، الناشط السياسي الليبي، أن "العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة في إطار منتدى الحوار السياسي أثبتت فعاليتها حتى الآن رغم الانتقادات والتظلمات التي نخشى أن توجه إليها، سواء تعلق الأمر بالجانب التنظيمي والشكلي "، مضيفا أن "عملية الأمم المتحدة هذه حققت تقدما كبيرا من خلال اتخاذ خطوة مهمة إلى الأمام على طريق حل الأزمة ".

وأضاف "ما تبقى ولا سيما اختيار سلطة جديدة، لا يشكل عقبة رئيسية أمام تنفيذ خارطة الطريق للمرحلة التمهيدية، بالنظر إلى أن الشيء الرئيسي هو تحديد مدة الانتقال وموعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 24 ديسمبر 2021 ".

وشدد عمر على أن "هناك سلطة قائمة وهي المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، القادر على قيادة البلاد إلى نهاية المواعيد الانتخابية إذا فشل المشاركون في المنتدى السياسي في تحقيق النجاح وإحراز تقدم في تعيين سلطة جديدة".

وقال إن ما يسمى عملية بوزنيقة وطنجة في المغرب، في إشارة لاجتماعات بين أعضاء مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة وبين أعضاء مجلس النواب، تلقي بظلالها على مسيرة منتدى الحوار السياسي الليبي، مضيفا إن "الخوف هو أن الأهداف الحقيقية لهذه الاجتماعات ليست توحيد المؤسسة التشريعية بل تقويض دور المشاركين في الملتقى".

ويشاطره الأستاذ الجامعي الليبي خالد عبد الرحمن السايح، هذا الرأي، موضحا أن أعضاء مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة ممثلون ضمن المشاركين في منتدى الحوار السياسي الليبي وبالتالي فإن أصواتهم تسمع في إطار العملية التي ترعاها الأمم المتحدة.

وتساءل عن الهدف من هذه الاجتماعات التي من المحتمل أن تغطي على جهود مندوبي منتدى الحوار السياسي وأن تحل محله.

ومضى السائح قائلا إن "أعضاء مجلس النواب الذين لعبوا طوال هذه السنوات في ظل الاشتباكات والفوضى الأمنية وغذوا الانقسامات بين الليبيين، يريدون فعلا إعادة بناء صورة جديدة نقية خوفا من ان يحل محلهم 75 مندوبا مشاركين في منتدى الحوار السياسي الليبي والذين يمكن أن تصل صلاحياتهم إلى حد السماح باختيار أعضاء المجلس الرئاسي ورئيس الوزراء وكذلك أعضاء الحكومة في حالة حدوث الانسداد على مستوى الهيئة التشريعية مثل ما كان عليه الحال في السنوات الأخيرة ".

وتجدر الإشارة إلى أن أربع دول أوروبية هي فرنسا وإيطاليا وألمانيا والمملكة المتحدة، أبدت مخاوف من العمليات الموازية بسبب مخاطر تشتيت الجهود وخلق انحراف عن السبل التي تقودها الأمم المتحدة.

كما أشادت تلك الدول الأربع، في بيان مشترك، بالتقدم الذي أحرزه منتدى الحوار السياسي الليبي في تونس، وجددت التأكيد على دعمها لعمل القائم بأعمال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني ويليامز، كما حثت الأطراف الليبية على الالتزام باحترام ما تم التوصل اليه في منتدى الحوار السياسي ولا سيما موعد الانتخابات ووقف إطلاق النار.

من جانبها، أشادت ويليامز بالبرلمانيين الليبيين المجتمعين في المغرب، معربة عن أملها في أن تساعد اجتماعاتهم على دفع العملية السياسية في ليبيا إلى الأمام لتنظيم الانتخابات العامة في الموعد المحدد من خلال إيجاد إجماع على أساس دستوري.

ومن ناحيته، أكد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، في حديثه خلال الجلسة الختامية للقاء طنجة، أن توافق البرلمانيين الليبيين أعضاء مجلس النواب، في ختام أعمالهم يوم السبت بطنجة، على وحدة المجلس ونبذ الانقسام يعد "نقطة تحول هامة لها تأثير كبير في المسار السياسي".

وأضاف بوريطة، إن "الانعقاد المقبل لدورة المجلس فوق الأراضي الليبية، ستشكل نقطة تحول هامة سيكون لها تأثير كبير في المسار السياسي".

وقال إن انعقاد الاجتماع التشاوري، بحضور أكثر من 123 نائبة ونائب ليبي، لأول مرة منذ سنوات، "نجاح في حد ذاته".

ورحب المجلس الأعلى للدولة، من جهته، بالاجتماع التشاوري الذي عقده أعضاء مجلس النواب بمدينة طنجة ، والاتفاق على عقد جلسة عامة موحدة في مدينة غدامس.

وفي بيان، صدر يوم السبت، ذكر المجلس الأعلى للدولة أن "عقد اجتماع لمجلس النواب يعد الخطوة الأولى نحو إنهاء الانقسام وتوحيد المؤسسات"، داعيا "إلى الإسراع في تفعيل دور مجلس النواب ليكون قادرا على الوفاء بالتزاماته الدستورية والعمل على تفعيل نتائج الحوار السياسي ومعالجة الازمات وتحقيق الاستقرار في البلاد".

هذا، ويرى العديد من المحللين الذين يحذرون من تشتت الجهود للتوصل لتسوية نهائية للأزمة في ليبيا، أنه مهما كانت نتائج اجتماعات البرلمانيين الليبيين، فيجب أن تكون دائما مكملة لمنتدى الحوار السياسي وأن تميل إلى دعم العمل الذي تقوده الأمم المتحدة للخروج من الأزمة.

ويرون أن حالة الانقسام والفوضى الأمنية تصب في مصلحة أطراف معينة تستفيد منها، محذرين من الإبقاء على الوضع الراهن الذي يمثل فرصة لاستمرار التدخلات الأجنبية والاستمرار في خدمة مصالح الأطراف الخارجية على حساب مصالح الليبيين.

-0- بانا/ي ب/ع ط/ 30 نوفمبر 2020