الأخبار

وكالة أنباء عموم أفريقيا

الصحف التونسية: سياسيون بحاجة ملحة إلى "لقاح أخلاقي"

تونس العاصمة-تونس(بانا)- الكارثة الصحية التي تجتاح تونس التي تصدرت بلدان العالم في الوفيات والإصابات بفيروس كورونا المستجد، جعلت الصحف التونسية، تماما كما هو الحال بالنسبة للمجتمع المدني، تطلق صيحات الفزع والهلع المتتالية وتحمل "النخبة" السياسة المسؤولية عن التخبط في معالجة هذه الأزمة منذ بدايتها وعما آلت إليه الأوضاع الحالية.

أصوات كثيرة ترتفع عبر المقالات والمتابعات متهمة الحكومة بـ"التسول" على أعتاب الدول الأخرى طمعا في المساعدات الطبية بدون أن تبادر هي إلى اقتناء ما يحتاجه شعبها من مستلزمات طبية وأوكسيجين.

وأجمعت افتتاحيات أغلب الصحف على أن "الحرب التي تقودها تونس ضد الوباء القاتل لا يمكن خوضها بقوانين تعود إلى مطلع القرن العشرين وأوائل الإستقلال"، داعية إلى "تحرير المبادرة لإنقاذ تونس بعيدا عن الشعارات والوعود الكاذبة والأوهام".

وفي هذا السياق، قالت جريدة (الصحافة) يبدو أن اللجنة العلمية برغم ضراوة الهجمة الشرسة للمتحوّر الهندي "دلتا" وآثاره الكارثية، لا تزال تساير الوضع الحالي بعد أن سبقها انتشار العدوى بأشواط ولا وجود لخطط واستراتيجيات استباقية بشأن التطورات المحتملة للوضع في قادم الأيام.

من جانبها، لاحظت جريدة (الشروق) أن التعطيل الأبرز الذي كشف عن الوجه القبيح والسيء للبيروقراطية ولمنظومة الصفقات العمومية هو ما حصل في ملف شراء اللقاحات. ففي الوقت الذي سارعت فيه عديد الدول منذ أواسط العام الماضي في إرسال طلبيات شراء جرعات اللقاح ظلت تونس تماطل بسبب عدم وجود إرادة سياسية قوية قادرة على فرض التخلي عن المنظومات التقليدية والبالية للشراءات.

وتطرقت جريدة (لا براس) La Presse الناطقة بالفرنسية، إلى ما ذكره المدير العام للصحة الذي أوضح أن "حصيلة تفشي كورونا تبلغ 4,5 مليون إصابة وأكثر من 21 ألف حالة وفاة، وأن ما يقرب من 4 آلاف حالة وفاة لم يتم حسابها،

وتساءلت: كم عدد الأشخاص الذين أصيبوا  بالفعل بالفيروس؟ ولماذا لم يتم الإبلاغ عن هذه الوفيات ؟ وقالت إن الأرجح هو أن هؤلاء الأشخاص لم تدعمهم المرافق الصحية وماتوا في منازلهم.

وفي رصدها المشهد السياسي العام بالبلاد، لاحظت الصحف أن معاجم اللغة أصبحت عاجزة عن توصيف درجة بؤس الأوضاع التي تعيشها البلاد، في ظل حالة سياسة مخجلة بسبب عقلية الهيمنة والمغالبة.

وهنا لاحظ الكاتب حسان العيادي، بجريدة (المغرب)، أن الفاعلين في المشهد السياسي يقفون على رمال متحركة ولكنهم لا يدركون أن الأرض تتحرك تحت أقدام الجميع في ظل اقتراب البلاد من حصول انفجار اجتماعي لا أحد يعلم أين سينتهي.

ونتيجة التخبط الحكومي والصراعات على المناصب والمغانم، خلصت جريدة (الشارع المغاربي) إلى القول: إننا فشلنا على كل المستويات ولكن من المهم أن نعترف بأن فشلنا الذريع في الميدان الصحي ووفاة الآلاف من التونسيين ليس وليد الصدفة بل هو نتيجة حتمية لخياراتنا السياسية والإقتصادية والمالية.

وأكدت أن السياسيّين في تونس دون استثناء بحاجة ملحة إلى "لقاح أخلاقي"، وهم الذين أوصلوا البلد إلى أن يصبح مثارا للشفقة والتهافت.

وتطرقت جريدة (الشروق) إلى  عمق الأزمة التي يعيشها نظام التعليم في تونس، مشيرة إلى أن أكثر من مائة ألف طفل وتلميذ ينقطعون عن التعليم سنويا، وهي النسبة الأعلى في العالم، وقالت إن كل الوزراء الذين تداولوا على وزارة التربية في العشر سنوات الأخيرة كانوا بدون رؤية وبدون برنامج واغلبهم إن لم نقل جميعهم تقلدوا منصب الوزير بالصدفة مثل الكثير من الوزراء في حكومات بعد الثورة.

وفي استقرائهم حقيقة الأوضاع المتردية على كل الأصعدة، خلص كتاب أغلب المقالات إلى حقيقة مفادها أن "الثورة التونسيّة فقدت بريقها داخليّا وخارجيّا، بعد أن اختصرت الإنتقال الديمقراطي في مجرد آليات للهيمنة على السلطة، مقابل استضعاف الدولة وتحفيز الفاسدين على المضي في نهب ثرواتها في ظل تفاقم الإفلات من العقاب" مؤكدين أنه "لا يمكن أن يتوقع الفرج من عقول ديكة منشغلة بفقء عيون بعضها،  فيما يمضي الآلاف من التونسيين لياليهم يئنون مختنقين تجاه جائحة لا ترحم".

-0- بانا/ي ي/ع د/ 18 يوليو 2021