الأخبار

وكالة أنباء عموم أفريقيا

أطفال السودان الفارون من العنف يقولون "كل ما نريده للسودان هو السلام"

الخرطوم-السودان(بانا)- كانت الفتاة ناهد، لم تتجاوز ربيعها السادس عشر حين اندلعت الشرارة الأولى للحرب بين القوتين المتحاربين في بلدتها (القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع)، أثناء زيارتها للعاصمة السودانية الخرطوم لقضاء العيد مع ذويها. 

وقالت المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، كاثرين راسل، في روايتها لقصة الفتاة نهاد، “إن أسرة نهاد هربت لكن ويلات الحرب طاردتها. وحين اجتاح مسلحون قريتها، أعملوا القتل في الأهالي، فقضى جدها وعمها، بينما تعرضت الفتيات للاغتصاب والاختطاف”.

ونجت ناهد بأعجوبة، لكنها وصفت ما عاشته "بالرعب الخالص. ولا تزال كوابيس تلك اللحظات تروّعها".

ويعيش السودان أزمة إنسانية هي الأسوأ في العالم، منذ بدء الصراع بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية التي أصبحت تسيطر على الفاشر عاصمة شمال دارفور بعد أكثر من 500 يوم من الحصار.

وبعد زيارتها للسودان حيث اقتلعت الحرب ما يربو على 10 ملايين شخص من ديارهم، نصفهم من الأطفال، طالبت مديرة اليونيسيف بإجراءات عاجلة لحماية الأطفال وتوفير الخدمات الأساسية.

وخلال تفقدها للأوضاع في مدينة كسلا، التقت المديرة راسل بنساء وفتيات يتلقين الدعم النفسي والاجتماعي والتدريب المهني في مركز تدعمه اليونيسيف. ولئن شكّل هذا المركز ملاذاً آمناً للكثيرات ممن نجون بأرواحهن من أتون العنف، فإن شحّ هذه الخدمات في ولايتي دارفور وكردفان يظل واقعاً مريراً يفرضه استمرار الانفلات الأمني.

وفي حديثها من بورتسودان إلى صحفيين في جنيف يوم الثلاثاء، قالت ممثلة صندوق الامم المتحدة للسكان في البلاد، فابريزيا فالسيوني، إنها عادت للتو من زيارة إلى الولاية الشمالية، بما في ذلك مخيم العفاض، حيث التقت بمجموعة من النساء الحوامل اللواتي نجون من حصار دام 540 يوما في الفاشر.

وقالت إن أيا من النساء اللواتي قابلتهن لم تتلقَ أي استشارة لرعاية ما قبل الولادة قبل الوصول إلى المخيم. وأخبرت النساء فالسيوني أنهن اضطررن لبيع كل ما يملكن لتحمل تكاليف الرحلة، حيث فقدت غالبيتهن أزواجهن - مما جعلهن المعيلات الوحيدات لأسرهن. وقالت: "سلبت من الكثيرات جميع ممتلكاتهن، وقالت لي إحدى النساء: اضطررت لبيع أرضي لأتمكن من الفرار. لقد فقدت زوجي والآن لم يبقَ لي شيء".

وقالت المسؤولة الأممية إن الاحتياجات الأساسية محدودة للغاية في مخيم العفاض. وأضافت: "خلال 19 عاما من عملي في الأمم المتحدة في المجال الإنساني، لم أسمع من قبل نساء وحوامل يقلن إن المراحيض هي الحاجة الأولى. لا توجد مراحيض بالقرب من خيامهن، ولا توجد إضاءة في المخيم ليلا. وهؤلاء نساء حوامل دون رجال. لذا، يمكنكم تخيل مخاطر الحماية الهائلة".

وفي شمال دارفور، أجبرت المعارك الضارية في الفاشر ومحيطها أكثر من 106.000 شخص على النزوح القسري منذ أواخر أكتوبر، مما أدى إلى اكتظاظ مراكز الإيواء وتحول مناطق مثل ’طويلة‘ إلى مخيمات عشوائية مترامية الأطراف. ويصل الأطفال النازحون في حالة يرثى لها من الإنهاك والجفاف، وهم في حاجة ماسة للحماية والتغذية والرعاية الطبية. ورغم حضور فرق اليونيسيف في الميدان لتقديم العون، إلا أن تدهور الأوضاع الأمنية يكبّل جهود الاستجابة.

ويقول هؤلاء الأطفال “ما نريده للسودان هو السلام. وعلى العالم أن يبذل ما في وسعه لتحقيق هذه الأمنية”.

-0- بانا/ر أ/س ج/11 ديسمبر 2025